ذ : إدريس حيدر :
كان ينتظر ثناء أو تشجيعا يشعره بأهمية ما يكتب ، و يرجعه إلى رحاب الأصدقاء و الأحباب ، إلا أن تعليقات القراء كانت قليلة و شحيحة ، و تتضمن في بعض الأحيان كثيرا من الانتقاد بل و التهجم.
تأكد ان الزمان غير زمانه و أنه ربما أصبح متجاوزا في كل شيء بسبب تقدمه في السن و التغييرات التي شهدها الكون على مستويات عدة.
رفع معاناته إلى السماء ، و اعتكف على قراءة القرآن و الصلاة و الاذكار ،بل و أصبح ناشطا متعبدا ، فأطلق لحيته التي كانت بيضاء ناصعة ، و بدا و كأنه أحد المتصوفة .
كان الزمان يمر سريعا ،و السيد ” محمد ناصر ” يتقهقر صحيا .
و كانت ثلة من جيرانه، تعوده و تساعده على قضاء حوائجه و ترافقه في مرضه.
و بين الفينة و الأخرى كانت زوجته تزوره مصحوبة بأحد الأبناء في محاولة منها إرجاعه لمنزله ،إلا أنه كان يرفض رفضا قاطعا طلبها بل و يخرج عن أطواره كلما ذُكِرَ له هذا الموضوع.
ظل يقضي وقته كاملا في تأملاته السوداوية و العدمية و مصيره المؤلم و الغامض ، إلى أن عُثِرَ عليه في إحدى الصباحات جثة هامدة ، و كان قد فارق الحياة .
و بعد دفنه ، كانت إحدى أوراقه المبعثرة التي وُجِدت ،تحوي على بعض افكاره التي كان يدونها بين الفترة و الأخرى و منها :
– التقاعد نظام اجتماعي يجب مراجعته .
– لماذا تنكر لي الجميع و نسيني ؟
– و لماذا اهملتني زوجتي و أبنائي. ؟
– أجل ،لقد مِتُّ يوم أُحِلْتُ على التقاعد .
و أخيرا
” و دارت الأيام …”
انتهى .