ذ : إدريس حيدر
لعل الجميع لا زال يتذكر تلك التصفية الجسدية المقيتة ،و التي ذهب ضحيتها الصحفي السعودي :” جمال الخاجقشي” الذي كان مقيما في الولايات المتحدة الأمريكية و الذي كان يحرر عمودا في جريدة ” الواشنطن بوست ” ،الذائعة الصيت.
و تم قتله بدم بارد في قنصلية المملكة العربية السعودية ب” إسطانبول” – تركيا.
و كان العالم قد اهتز لهذا القتل البشع خاصة و أنه راجت آنئذ في العالم ،روايات رهيبة عن الكيفية التي تم بها التخلص منه.
و في هذا الإطار كان الرئيس الفرنسي ” ماكرون ” قد صرح على هامش مؤتمر ” إسطانبول” المتعلق بالوضع في سوريا ،إلى أنه و المستشارة الألمانية ” ميركل” ، سيطالبان من الاتحاد الأوروبي، اتخاذ إجراءات صارمة اتجاه السعودية .
كما أن المرشح للرئاسة الأمريكية أنذاك الرئيس ” بايدن ” ،توعد المملكة قائلا ، إنه سيجعلها “منبوذة ” بين الامم .
فيما طالبت جهات أخرى و منها ” تركيا” و الأمم المتحدة بالمساءلة و عدم الإفلات من العقاب.
و توجهت الأيادي بالإشارة و كذا التقارير المخابراتية الغربية ،إلى أن المسؤول عن قتل الصحافي المذكور هو : ولي العهد السعودي ” محمد بن سلمان ” ، و كثرت التسريبات و السيناريوهات التي تفيد أن الأمير يدبر الأمور السياسية السعودية بطريقة تسيء لها ( الحرب ضد الحوثيين، حصار قطر ، قتل الصحافي الخاجقشي…الخ ) ، و أنه من الأنسب و الأصلح للبلاد تنحيته.
و الآن و قد مضت بضعة شهور على ارتكاب ولي العهد السعودي لتلك الجريمة النكراء ،تتم زيارته و لقاءه من طرف الرئيس الأمريكي ” بايدن ” بل و إن طريقة استقباله تنم على حسن و عمق العلاقات بين الرجلين .
كما أنه استقبل أخيرا على السجاد الاحمر بقصر ” الإليزيه” بباريس – فرنسا ،بالرغم من الاحتجاجات التي قامت بها هيآت حقوقية من أجل رفض استقباله ، إلا أن سلطات تلك الدول لم تعر لذلك أدنى اهتمام أو انتباه.
و مرد هذه الاستقبالات و بكثير من الحفاوة عوامل كثيرة منها:
1- صفقات الأسلحة المنتظرة بين المملكة العربية السعودية و تلك الدول و التي من شأنها الحصول على أرباح مالية طائلة توفرها لخزائنها المالية و التي ستحقق لها انتعاشا لاقتصادياتها و لشركاتها المتعددة و ذات الاختصاص.
2- إغراق الغرب بالبترول باثمنة مناسبة للتخفيف من ارتفاع أسعارها المهول و لإفشال مخططات ” روسيا” في حربها ضد الغرب في شخص ” أوكرانيا ” .
يقينا ،أنه لو كان هذا الجرم و مثيله قد ارْتُكِبَ من طرف رئيس دولة فقيرة ، لأقام الغرب الدنيا و لن يعقدها، وسيستعمل كل أسلحة المثل من أجل إصابة الهدف في مقتل .
لكن و أمام هذا البلد الغني ( السعودية ) ،تصبح حقوق الإنسان و القيم الفضلى ،قضية ثانوية .
إنه حقا ،نفاق مقزز و انتهازية مقيتة تلك التي يمارسها الغرب.