إبادة ” الأوكاليبتوس ” بجماعة تطفت ( إقليم العرائش) !

3 يوليو 2022

م . غ 

انتكاسة بيئية بجماعة تطفت – إقليم العرائش و زلزال بيئي يضرب الجماعة على درجة عالية من سلم البيئة ، حيث عمد صاحب قرار الشأن العام المحلي إلى قطع مجموعة من أشجار ” الأوكاليبتوس ” دون شفاقة و لا رحمة ( الصور شاهدة على ذلك ) ؛ حيث تجاهل هذا الفاعل كل مرتكزات البيئة و الصرخات المبحوحة محليا – إقليميا و وطنيا ، من جميع أطياف المجتمع المدني و المؤسسات البيئية للتوقف عن استنزاف الأوساط الطبيعية من هذا الكوكب و بالتالي الحد من أدوارها المختلفة .
إذن ، أين تجد هذه النازلة ( اجتثات أشجار الأوكاليبتوس ) آثارها في التشريع الوطني ؟
ما الخلل في هذه النازلة ، الذي أغضب الساكنة و كل غيور على البيئة ؟

✓الخطاب الملكي السامي في قمة الأرض بريو دي جانيرو 12 يونيو 1992 م :
” وفي اعتقادنـا نحـن المؤمنين بالله فإن البيئة مشكلة حضارة وإيمان ، والطبيعـة هـي خلق الله ائتمـن الإنسان للحفاظ عليهـا بصفته المخلوق الوحيـد الـذي وهبه الله الضمير والعقل ” .
✓مقتطف من الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الحادية العاشرة لعيد العرش المجيد بخصوص إعداد الميثاق الوطني للبيئة و التنمية المستدامة – طنجة 30 يوليوز 2009 :
” وفي جميع الأحوال، يتعين على السلطات العمومية أن تأخـذ بعين الاعتبار في كناش تحمـلات المشاريع الإنمائية ، عنصـر المحافظة على البيئة…”
✓الفصل 61 من الدستور : ” حق العيش في بيئة سليمة ” .

إذن و الشاهد عندنا على هذا الخلل المحتمل ، هو إما عدم الالتزام بالمسطرة القانونية و ذلك بعدم اللجوء إلى طلب الترخيص من إدارة المياه و الغابات و التي يستبعد جدا أن توافق على قتل لتاريخ إنساني و لمكون طبيعي و ما ينبغي لها ! و إما اعتماد هذا الفعل الذي من شأنه أن يصير جرما إذا ما اجتمعت أركانه ، بعدم اللجوء إلى استشارة المجلس في دورة عادية أو استثنائية ، ذلك إن اعتبرنا أن هذه الأشجار تدخل في الملك العمومي لجماعة تطفت ) فرضا لا جزما ) .

إذا ما ذهبنا مذهب الطرح الأول ، فإننا بالأحرى أمام جريمة بيئية – جنائية خالصة ، حيث و حسب دورية بتاريخ فاتح نونبر 1912 الموجهة إلى العمال و القياد و القضاة للحفاظ على الغابات و منع استغلالها آنذاك ، و التي نصت على أنه : ” توجد بعض الأملاك التي لا يمكن التصرف فيها إلا بعد الحصول على ترخيص مسبق من المخزن لأن له حقوق الملكية عليها أو حقوق المراقبة ..” .
و أيضا الفصل 2 من ظهير 10 أوكتوبر 1917 بشأن المحافظة على الغابات و استغلالها : ( الفقرة 2 ) ” لا يمكن بيع الملك المخزني الغابوي ، و لا يتأتى استخراجه من النظام الغابوي إلا لفائدة المصلحة العمومية ” .
و لا ننسى أنه حتى بيع هذه الموارد الغابوية يخضع لتنظيم محكم من مدة للاشهار و آجله و كل محدداته بالتفصيل الممل ، وفق مرسوم رقم 2-10-342 صادر في تاريخ 11 أبريل 2011 بالمصادقة على دفتر التحملات العامة المتعلق ببيع قطع المنتجات الغابوية في غابات الدولة أو الغابات الخاضعة للنظام الغابوي .
و بالتالي تطبيق مقتضيات الفصل 597 من القانون الجنائي : ” أنه من أتلف مزروعات قائمة على سوقها أو نباتات نمت طبيعيا أو بغرس الإنسان، يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة من 200 إلى 250 درهما عن كل شجرة، بشرط ألا يتجاوز مجموع عقوبات الحبس خمس سنوات ” .
بل إن المادة 109 من القانون الضريبي 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية أقرت رسوما على هذه العملية : ” يفرض الرسم على بيع الحاصلات الغابوية بما فيها الأخشاب المقطوعة على أساس الثمن الذي بيعت به هذه الحاصلات دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة ” . و أيضا المادة 110 منه : ” يصفى الرسم و يستخلص من طرف إدارة المياه و الغابات وفق نفس الشروط المنظمة لتصفية و تحصيل الموارد الغابوية ” .

و أما إذا ما ذهبنا مذهب الطرح الثاني ، الذي يفترض فيه أن أشجار الأوكاليبتوس هذه تدخل في الملك الجماعي لجماعة تطفت ، فإنه يتحتم على رئيس المجلس الجماعي الرجوع إلى المجلس الجماعي و استشارته قبل الإقدام على هكذا أمورا تدبيرية و ذلك استنادا إلى المادة 92 من القانون التنظيمي 113.14 : ” يتداول مجلس الجماعة في القضايا التالية ( الفقرة 2 ) : تدبير أملاك الجماعة و المحافظة عليها و صيانتها ” و كذلك يتداول في : ” تحديد شروط المحافظة على الملك الغابوي في حدود الاختصاصات المخولة له بموجب هذا القانون ” .
و يظل رئيس المجلس الجماعي منفذا و ساهرا على تنزيل مخرجات مشاورات المجلس و ما تداوله ، و ذلك بحسب المادة 94 من القانون 113.14 : ” يقوم رئيس مجلس الجماعة بتنفيذ مداولات المجلس و مقرراته ، و يتخذ جميع التدابير اللازمة لذلك و لهذا الغرض ، يتخد الإجراءات اللازمة لتدبير الملك العمومي ” . و كذلك يختص رئيس المجلس الجماعي حسب المادة 100 من القانون التنظيمي 113.14 ” بالمساهمة في المحافظة على المواقع الطبيعية و التراث التاريخي و الثقافي و حمايتها و ذلك باتخاذ التدابير اللازمة لهذه الغاية طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل و أيضا ضمان حماية الأغراس و النباتات من الطفيليات و البهائم طبقا للقوانين و الأنظمة الجاري بها العمل ” .
إذا ما اعتبرنا أيضا أنها تدخل في المساحات الخضراء ، بحسب منطوق الفصل 3 من الظهير الشريف رقم 1.21.74 صادر بتاريخ 3 ذي الحجة 1442(14 يوليو 2021) بتنفيذ القانون رقم 57.19 المتعلق بنظام الأملاك العقارية للجماعات الترابية ، هذا الاعتبار ينبني على اكتساب ملكيتها ، إما بالتفويت أو بالكراء أو بحكم المجال الحضاري للتسيير بعقد و بالتالي وجود وثيقة دالة على ذلك من لدن المياه و الغابات و الملك المخزني لا يكتسب بالتقادم سواء لصالح المجلس الجماعي أو للخواص .

أمام غياب أي مبرر لهذه الأطروحات ، فإن مسؤولية المياه و الغابات تبقى ثابتة ما لم تحرك المساطر القانونية في هذا الشأن ، و ذلك لما لها من اختصاص بحسب مرسوم رقم 2.04.503 صادر في 21 من ذي الحجة 1425 ( فاتح فبراير 2005 )بتحديد اختصاصات و تنظيم المندوبية السامية للمياه و الغابات و محاربة التصحر ( ج . ر عدد بتاريخ 8 محرم 1426- 17 فبراير 2005 ) :
الماد 1 : ” المساهمة في إعداد و تنفيذ السياسة الحكومية في ميدان التنمية القروية ” ؛
المادة 6 : ” السهر على تنفيذ النظام الغابوي و القيام بالشرطة الغابوية و مراقبة تطبيق النصوص التشريعية و التنظيمية المرتبطة بها ” ؛
الفصل 72 من ظهير 10 أوكتوبر 1917 بشأن المحافظة على الغابات و استغلالها : ” يجوز لرؤساء المياه و الغابات أن يوضحوا للمحاكم كل قضية تهمهم و أن يسمعوا كل ما يلقونه لتأييد شكايتهم ” .

ختاما ، فإن الأسف كل الأسف على هذه الواقعة التي يجب الضرب فيها بيد من حديد ، لأنه ستكون لا محالة بابا مشرعا لمزيد من التجاوزات في حق الطبيعة ، إذا ثبتت كل الأطروحات أعلاه !

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading