ذ : إدريس حيدر :
تعود ” عمي علي ” مع مرور الوقت على لقائه و تبادل الحديث معه و سماع موسيقاه التي أصبح مدمنا عليها .
و في إحدى لحظات المكاشفة و المصارحة بعد أن اطمئن كل منهما للآخر ،أفشى الكائن الغريب ل” عمي علي ” عن بعض معاناته لكونه يعيش وحيدا و دون زوجة ، و بعد أن استفسره هذا الأخير عن حميمياته و عن إمكانية زواجه بامرأة عادية و ليس من صنفه، و بعد تاكده من رغبته الجامحة في ذلك و في إمكانية إقامته علاقة عادية مع أية أنثى، وعده إذن ، بالبحث له عن زوجة في الدواوير المجاورة ، تليق به و تكسر وحش عزلته .
إلا أن ” عمي علي ” طلب له مقابل تنفيذ رغبته ،تمكينه من آلته الموسيقية التي هي ” الغيطة ” ،اعتقادا منه انها آلة فريدة بها سحر كبير و جاذبية عجيبة .
و كان يأمل الأخذ بألباب الناس عند العزف عليها في الحفلات و المناسبات و تشنيف اسماعهم بأعذب الأنغام.
مكنه الإنسان / الماعز من آلته الموسيقية شريطة أن يحييها معا حفلة لأهل المنطقة مرة كل سنة و ان يوفي بوعده في البحث له عن زوجة .
وافق ” عمي علي ” على شروطه ،و التحق ساكن المغارة بالقرية و أحيى حفلته الأولى لأهل المنطقة ،حيث اطرب بسطاء القوم ،كما قضى الحاضرون ليلتهم في الرقص و الغناء.
و ما أثار الانتباه هو أنهم لم يخافوا هذا الكائن الغريب بل احتفووا به و انسجموا معه ، و يرجع الفضل في ذلك بدرجة أساسية ل” عمي علي ” الذي هيأ الأجواء لاستقبال الضيف المرعب أحسن استقبال .
بعد تلك الليلة الجميلة صعد الضيف الغريب إلى الجبل و التحق بالمغادرة التي كان يسكنها.
انتظر طويلا ليزف له ” عمي علي ” بشرى تزويجه ، و اعتقد انه خلف وعده أو نسيه .
و هكذا قرر العودة إلى الدوار و البحث عن ” عمي علي ” .
حل بالقرية في ليلة ظلماء كاحلة و ارعب ساكنتها بصوته القوي و المبحوح و الخشن .
فتش عنه في كل مكان و لم يعثر عليه .
أثناء عودته صباحا إلى مغارته ، رمق ” عمي علي ” بجانب النهر و هو يعزف على الغيطة التي تركها لديه .
هدده بأنه سينال منه جزاء أليما نظرا لكونه أخلف وعده .
غير أن ” عمي علي ” توسله من أجل تمكينه من مهلة قصيرة أخرى و سيزف له الخبر الذي ينتظره بلهفة .
كان ” عمي علي ” يفكر في أن سيدة كانت هي الأخرى تعيش في إحدى المغارات ،و تزعم أنها تعيش معا الأرواح الشريرة .
يتبع…
تشكيل : إدريس حيدر.