المفكر والأفكار

19 فبراير 2022

بقلم : عبد القادر أحمد بن قدور

في الجامعة… كانت الأفكار التحررية والاشتراكية والالتزام بالمبادئ والنضالات الطلابية على أشدها تسير وتسير، والفدرالية الطلابية الدولية الوحدوية برئاستها في براغ عاصمة يوغسلافيا أنذاك ترسل البرقيات تلو البرقيات لمساندة الطلبة ومؤازرتهم في احتجاجاتهم ومطالبهم في كل بقاع العالم للشباب الحي المجند ضد الظلم والاضطهاد والحامل لأفكار العدالة الاجتماعية، وإحقاق الحقوق إلى أصحابها… ومؤتمر باندونغ لعدم الانحياز الذي وحد العالم النامي برئاسة الرئيس جمال عبد الناصر وجواهر لال نهرو والماريشال تيتو وآخرون ضد الفقر والجوع والتهميش ومع شعوب العالم الثالث من أجل التحرر ومصير واحد ووحدوي ضد الامبريالية، ويعملون من أجل أفكار تقدمية لإنعاش هذه الشعوب وتقدمها، وبمصير واحد، وأفكار تحررية وديمقراطية مع الثورة الطلابية في ماي سنة 1968 التي كان في مقدمة مسيراتها جان پول سارتر وسیمون دو فوفوا ومفكرون آخرون، تجمعهم وحدة الأفكار التقدمية والمتنورة بأهداف سامية لتغيير مصير فرنسا والعالم… في هذا الحماس الطلابي المنقطع النظير… وهذه الأفكار الثورية… لطلاب فرنسا الذي كان أثرة في العالم للطلاب المتنورين أينما كانوا… حتى ببلدي انتعش الطلاب بعدما خمدوا لفترة بعد الهجمة العسكرية الأفقيرية بالدار البيضاء سنة 1965 لفترة… من أجل مطالب

التلاميذ والطلبة العادلة جاء المد الطلابي النضالي الكاسح لما دخلت الجامعة في سنوات
1968 وما يليها… فعشت سنوات الرصاص والجمر المتقد كما يسميها الكثيرون وأنا في ريعان الشباب عشت أجواء الجامعة بمناشيرها وملصقاتها الوهاجة والمكافحة والنضالية للدفاع عن مصالح الطلبة ومؤازرة الفئات الشعبية في مطالبها لحقوقها من أجل غد أفضل وعيش كريم ومناصرة المضطهدين والمقهورين في كل مكان وضد من يقدم لبلدي هربا من شعبه الذي ثار عليه وهجره…

حضرت في تلك السنوات كذلك وشاركت بتدخلات كغيري مع كثير من الطلبة في ندوات الفكر والتعليم والتنوير والرواية والإبداع بدار الفكر بالرباط (الآن مكانها بناية وكالة المغرب للأنباء) ويا ما دار الفكر آنذاك… وبعد في المقر الجديد لاتحاد الكتاب للمغرب بمقر

آخر، وندوات جميلة

لازلت لا أنسى… ولن أنسى ذلك المفكر الكبير والفيلسوف ذو الأخلاق العالية رحمه الله الدكتور محمد عزيز الحبابي وأنا في الأمام مع الحاضرين جالس بجانبه وقد قبض على يدي اليسرى بحرارة وشد عليها منذ البداية… بداية الأمسية الشعرية لأستاذ الفلسفة الشاعر الدكتور بنسا لم حميش (وزير الثقافة سابقا) الذي فرق بيننا بعضا من نسخ قصائده قبل أن يقرأها علينا بإنشاد جميل أخاذ وفكر ثاقب وهو في ريعان الشباب قد جاء ليدرس بالجامعة بالرباط وأفكار الفلسفة الوجودية والماركسية والماوستونغية تحشو ذهنه المتقد… وذلك الوقور المرحوم برحمة الله الواسعة الأستاذ الكريم غلاب رئيس الاتحاد انذاك بعد فترة قدم لنا الفيلسوف الذي بجانبي تقديما رائعا ومشرفا يليق بمقامه وفكرة المشحون بإكسير الحياة والفلسفة الشخصائية وكل من ينير الطريق طريق البناء والتقدم في العلياء فقرأ علينا قصائد جميلة ومبهرة لذكرياته الجميلة وعواطفه الجياشة والملتهبة بباريس باللغة العربية والفرنسية… فكان الأثر في الأدمغة الوقادة والوهاجة بإمعان وتبصر وروعة ما بعدها من روعة وفتنة في الروح والوجدان والأفكار… بعد نفي اضطراري للمفكر والشاعر المرحوم الأنف الذكر في بلد جار.. كغيره من الثوريين والمناضلين…

وفرحة عارمة للكل على وجوده بيننا… مفكر وشاعر وروائي ينتصر للتحرر ويصمد أمام الزوابع… صمود الأحرار والأبرار… كما انتصر الطلاب في العالم آنذاك بوحدتهم وتكتلهم وانتصاراتهم لكل جميل بأفكار يسارية واشتراكية ونضال مستميت في أفق رحب

يعمل من أجل التغيير المنشود مع الفكر والإبداع الملتزم وقضايا الإنسانية والأمة والتحرر والانعتاق من الظلم والاضطهاد بتضحيات جسام حققت بعض أهدافها بإصرار ومواكبة وعناد وحماس منقطع النظير… إنها ذكريات جميلة عابقة بالعطر والإخلاص التواق إلى الانعتاق من الظلم والفقر والحاجة للوصول إلى المواطنة الحقة بكرامة الإنسان وتحقيق ميثاق حقوق الإنسان والمواثيق الحقوقية الأخرى للإنسان… إنها كرامة الإنسان نضحي من أجلها بالغالي والنفيس لتحقيقها وتحقيق الحق والعدل الاجتماعي والمساواة في الحقوق والواجبات ليكون التأخي بين

الإنسان والإنسان فيتحقق السلم والأمان بالعمل والعقل والروح والعواطف والوجدان.

1- وحاليا براغ هي عاصمة جمهورية التشيك بعد تقسيم يوغسلافيا الفدرالية. 2ـ مؤتمر عدم الانحياز كان سنة 1954.

– القصر الكبير في يوم 2022/02/18

 

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading