محمد سعيد المرتجي
تقول الأسطورة أنه في يوم من الأيام عندما كان العطّار يرعى قطيعه غير بعيد عن مدشر جهجوكة، دخل كهفًا واستلقى فيه -من شدة التعب- ونام. عندما استيقظ سمع صوتًا موسيقيا غريبًا، كان أجمل صوت سمعته أذناه(…). وداوم، بعد ذلك اليوم، على الاستماع إلى موسيقى الغيطة، بل ولم يستطع إخفاء الأمر وأخبر شيوخ قبيلة أهل سريف قصته. غير أنهم لم يصدقوه، بل ومنعوه من دخول الكهف.
ذات يوم، نام العطار داخل الكهف كالمعتاد. وفجأة استيقظ على وقع خطى مخلوق غريب -نصف رجل ونصف ماعز-. من رعبه، حاول الهرب، لكن الوحش أوقفه. وقال له “أنا بوجلود”. لم يَهدَأ رَوعُ العطار إلا عندما عزف بوجلود موسيقاه المفضلة. وقبل السماح له بالرحيل، جعله يقسم ألا يقول أي شيء عن لقائهما.
زار العطار كهف بوجلود كل يوم حتى تعلم العزف على الغيطة (…). وذات مساء سأل العطار بوجلود إن كان متزوجا. “لا” رد المخلوق بحزن. طمأن العطار بوجلود على أن يجد له عروساً: “سأجد لك أجمل بنت في جهجوكة إذا أعطيتني الغيطة”.
وافق بوجلود وعاد العطار إلى قريته وهو يعزف الغيطة (…). غضب بوجلود من فكرة أن العطار خانه، ولم يستطع تحمل الموسيقى التي تأتي بها الرياح إليه واندفع نحو جهجوكة لإجبار العطار على الالتزام بوعده وتسليمه زوجته… فور وصوله توقفت الموسيقى، وأصيبت جهجوكة بالذعر. دَمّر بوجلود كل شيء في طريقه، واختبأ العطار في منزله لكن المخلوق عثر عليه. بذكاء إنساني، تمكن من إقناع بوجلود أن الموسيقى كانت لحفل زفافه. عندما سأل بوجلود عن زوجته، طلب منه العطار العودة في الليلة التالية بحجة أنها تتزين لحفل زفافهما. صَدَّق بوجلود كلمات العطار، وغادر القرية. وفي الليلة الموالية، نزل بوجلود من كهفه وهو يسمع الموسيقى ويرقص باتجاه جهجوكة. لِحَثّ الموسيقيين على عزف أحسن موسيقى، كان يَضْرِبُهم بعصا رقيقة. لتهدئته، تمكن العطار من إقناع ساحرة تدعى عائشة حَمُّوقَة بالرقص مع الغريب كما لو كانت العروس. ولذكائها، كانت عائشة تُفلِتُ من يَدَي المخلوق.
بعد ليلة مُتْعِبَة من الرقص، ولعجزه عن أخذ زوجته، ترك بوجلود جهجوكة واعدًا بالعودة في يوم آخر.
قبل مغادرته، عَيَّن سكان جهجوكة أوصياء على موسيقاه. وهكذا ظل يرقص في جهجوكة ليلة واحدة كل عام (…). غير أنه بعد فترة، اختفى بوجلود وعائشة حَمُّوقَة، وذهب العطار بقطيعه بحثًا عنهما (…). عند عودته إلى المدشر بعد سنوات من البحث، ذبح الماعز الأربعة التي بقيت عنده ولبس جلودها (…). واعتقد أهل جهجوكة أن بوجلود هو من عاد وعزفوا موسيقاهم ورقص العطار كما لو أنه بوجلود.