ذ : إدريس حيدر
على أعلى الجبل المطل على السهل المنبسط على امتداد الرؤية ،و الذي يصبح في فصل الربيع ، أخضرا يانعا ،و متعة للناظرين ، يتوسد دوار ” القنادل ” ظهر المرتفع في هدوء و سكون .
يبدو ليلا و الأضواء مشتعلة في اكواخه و دروبه و كأنها قناديل متلالأة في ظلام دامس ، مما يضفي على المنظر جمالا و جاذبية خاصة ، و ربما لهذا السبب سمي ب” دوار القنادل “.
كان يسكنه نحو 500 شخص أغلبهم يمتهن الفلاحة و الرعي.
” امخيتر ” المراهق ،كان يملأ أزقة الدوار حركة و مساعدة لبعض ساكنتها و خاصة المتقدمين في السن أو ذوي الاحتياجات الخاصة .
كان نحيف الجسد ، بعنق طويل ممتد بين جسده و رأسه و مائل إلى الأمام و كأنه إحدى الزواحف المنقرضة، بأذنين كبيرتين منتصبتين نحو الاتجاهين: اليمين و اليسار ،تشبهان لصحني الرادار أو لجهازي التنصت.
عيناه صغيرتان و اسنان فمه تبدو متباعدة عند فتحه فمه للكلام أو الضحك.
غالبا ما كان يرتدي البسة بالية عبارة عن اسمال.
قضى نهاية عقده الثاني و بداية الثالث و هو يجري و يلعب بين دروب الدوار.
و كان يسمع صوته و قهقهاته في كل وقت و حين ،و مع مرور الوقت أصبح معلمة أساسية للدوار، بل لم يعد يتصور القرية من دونه.
مر الزمان بسرعة و اشتد عود ” امخيتر ” ، و تغير شكله و صوته و نضج في سلوكه.
و اصبح يتردد على المسجد للصلاة و يشارك في اجتماعات كبار القرية ،بمناسبة افراحها و اتراحها ،أو للتداول في أمورها الهامة و الخطيرة و المستعجلة.
يتبع…
تشكيل : إدريس حيدر.