حيوية الفكر الإنساني:

25 يناير 2022

د : عبد السلام دخان

الفلسفة ضرورة انطلوجية، مادام الحق في محبة الحكمة من الحقوق الأساس التي حملها الفكر الإنساني على امتداد منجزه التأملي الكاشف لحجم المسؤولية المنوطة بالمفكرين الأصلاء مند سقراط، “أغسطين”، سبينوزا، ومرورا ديكارت، بيكون، هيجل، كانط، نيتشه، هيدغر، أرندت، ووصولا إلى فوكو، ليوتار، رورتي، هابرماز، بول ريكور، إدغار موران… ومع الإقرار باستحالة صياغة رؤى متكاملة حول هذا التاريخ، فإن الدعوة إلى النظر في الفكر الفلسفي تبدو ملحة خاصة بعد تحرير الكثير من هذه التصورات من سطوة الإيدولوجيا، وقدرتها على الوفاء لنزعتها الابستمولوجية. وللسبب نفسه اجد في كتاب جدل التنوير شذرات فلسفية لهوركهايمر وأدرنو ترجمة الدكتور جورج كتورة عن دار الكتاب الجديد المتحدة بيروت 2006، تعبيرا اصيلا عن حيوية الفكر الإنساني وقدرته على التخلص من اوهام متعددة بداية من وهم الأصل، الميتافيزيقا، الحداثة، العقلانية التي ساهمت مع كانط في خلق ترندستالية اللوغوس وبسط نفوده مما أدى إلى مثاليته، وتبرزها مقولة”تجرّأ على استعمال عقلك”. الأمر يرتبط بتعبير أدرنو هوركهايمر ب” اندماج العقلانية مع الواقع الاجتماعي، او تداخل الطبيعة مع السيطرة على الطبيعة” ص19. لقد تحول التنوير إلى ايديولوجيا تبث عبر تقنية الإنتاج مثل السينما والراديو، او ناسمي ب” الصناعة الثقافية” التي تفصح عبر مختلف تمظهراتها عن سمتها التجاري الذي جعلها تنتج الكذب من خلال القول بالإبداعات الجمالية بغية خداع الجماهير لذلك برزت الحاجة إلى التنوير مع أدرنو و هوركهايمر واجد في الاهتمام بالتخييل الذي أقصاه العقل الأماني مناسبة للقول بأهميته في فن العيش، فضلا عن أهمية اليوتوبيا، وهو ما يمكن تلمسه في عودة أدرنو و هوركهايمر إلى متون مثل الأوديسة بوصفها من أولى الوثائق التي تمثل الحضارة الغربية مع ما يتخللها من تبيان الفارق بين وحدة الطبيعة الأسطورية والسيطرة العقلانية. وفي تأمل جينيالوجيا فوكو، ونظرية ما بعد الكولونيالية والتفكيكية، والنظرية النسوية المعاصرة. ومن الضروري تبعا لرؤية أدرنو وهوركهايمر التفكير في ملاحظات وتخطيطات ضد كل الذين يملكون أجوبة على كل شيىء، او الذين سهلوا المهمة للبرابرة. مما يضعنا انام تناقض حاد بين الحماقة والذكاء. ويوحي المثال المقدم في الكتاب( ينظر ص 248) عن حوارية بين الأمريكي والصيني تكشف مرجعيات الوعي، وطبيعة النقد المادي للمجتمع، فضلا عن عناوين اخرى لها أهميتها في تشكيل رؤى هذا الكتاب عبر محاورة تصورات الميتافيزيقا، اللوغوس، البسيكولوجيا، والسوسيولوجيا من قبيل: تحول الفكرة إلى سيطرة، عن نظرية الأشباح، أهمية الجسد، الفلسفة وتقييم العمل، تكوين حماقة. وبشكل مقصود يقودنا هذا الكتاب إلى تأمل سيرورة الفكر الإنساني تجنب العمى الذي تنتجه الدلالة، وممكنات التأويل في سياق سيرورة دينامية تجعل من جدل التنوير مطالبا اصيلا. جمال الفكر لايمكن حجبه، لذلك طوبى لكل الفلاسفة في عزلتهم التي جعلتهم يحققون مزية الحياة الممتدة في الزمن، طوبى لكل عشاق الحكمة. وحتما الفلسفة هي بصمة الحب الإنساني.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading