ذ . إدريس حيدر
التحق ب ذة . ” ماجدولين ” في المستشفى زوجها ” ياسر ” بعد أن بلغه الخبر المشؤوم باختفاء ابنه ” سامي “.
قضت أياما هناك ، و كانت كلما استيقظت من غفواتها الطويلة بفعل الأقراص المنومة ،إلا و حَمَّلَت نفسها مسؤولية ما وقع ،و تردد في كل حين ، أن اهتمامها المفرط بنفسها و نجاحها في مهنتها ،كان على حساب تربية أبنائها و الاهتمام بهم و شمولهم بعطفها و حنانها.
قامت الدوائر المختصة من شرطة و غيرها بالبحث و التحري عنه ، إلا أن كل مجهوداتها باءت بالفشل.
مرت ست سنوات على الحدث ،و بدأ جرح العائلة الذي تركه فقدان ابنها ” سامي ” يلتئم .
و في إحدى صباحات فصل الربيع ، ولجت الطفلة الصغرى للعائلة ” ندى ” المنزل بصحبة طفل ،قدمته لأمها ذة. ” ماجدولين ” ،على أساس أنه صديقها و يقضي معها اوقاتا ،يلعبان فيها و يمرحان في المركب الرياضي الصغير الذي يوجد بالحي.
و بمجرد أن وقعت عينا ذة .” ماجدولين ” على الضيف الصغير ،إلا و شعرت بقلبها ينتفض داخل قصفها الصدري و كأنه سينط خارجه أو سيشقه.
كما أنتابتها حالة خوف و رغبة في الغثيان ،سرعان ما انقلبت إلى فضول لمعرفة من يكون ذاك الطفل.
أدخلته المنزل و أعطته بعض الحلويات و كأس شاي ،ثم انصرفت إلى الحجرة التي تودع فيها حاجاتها الثمينة و اشياءها القديمة.
بحثت عن صور ابنها ” سامي ” و تأكدت أن له شبها كبيرا بالطفل الغريب و الزائر الوديع.
رجعت إلى حيث هو ،و استدرجته في الحديث ،لتعرف سكناه، فأكد لها أنه يقطن بنفس الحي .
كان الطفل ” أحمد ” – و هكذا كان يسمى – لطيفا ،خجولا .
و دعته الطفلة ” ندى ” بمعية امها ذة .” ماجدولين ” ،ملتمستين منه تكرار الزيارة .
و مباشرة بعد ذلك ،هرعت ،هذه الأخيرة، إلى مفوضية الشرطة من أجل إبلاغها بكونها عثرت على ابنها ” سامي ” الذي فُقِدَ ذات يوم.
لم يعر اي احد من رجال الأمن أهمية لبلاغها . لكنها ظلت تلح و تتردد على مصالحها زاعمة انها تشعر اتجاهه بشعور خاص هو أقرب للأمومة.
بناء على ذلك استطاعت الضابطة القضائية و بأمر من النيابة العامة أخذ بصمات الطفل و بعض لعابه، لإجراء خبرة جينية في الموضوع .
كانت النتيجة مفاجأة و وقعها قوي على العائلة برمتها . و خلصت الخبرة إلى أن الطفل ” أحمد ” هو نفسه الذي كان يسمى ” سامي ” و الذي اختفى ذات سنة ،في ظروف غامضة ،و هو ابن السيد ” ياسر ” و ذة. ” ماجدولين ” و يعيش مع أبيه الارمل الذي رباه لوحده بعد أن انتحرت أمه التي تكفلت بتربيته.
يتبع…