ضياع (02)

14 يناير 2022

ذ . إدريس حيدر

التحق ب ذة . ” ماجدولين ” في المستشفى زوجها ” ياسر ” بعد أن بلغه الخبر المشؤوم باختفاء ابنه ” سامي “.
قضت أياما هناك ، و كانت كلما استيقظت من غفواتها الطويلة بفعل الأقراص المنومة ،إلا و حَمَّلَت نفسها مسؤولية ما وقع ،و تردد في كل حين ، أن اهتمامها المفرط بنفسها و نجاحها في مهنتها ،كان على حساب تربية أبنائها و الاهتمام بهم و شمولهم بعطفها و حنانها.
قامت الدوائر المختصة من شرطة و غيرها بالبحث و التحري عنه ، إلا أن كل مجهوداتها باءت بالفشل.
مرت ست سنوات على الحدث ،و بدأ جرح العائلة الذي تركه فقدان ابنها ” سامي ” يلتئم .
و في إحدى صباحات فصل الربيع ، ولجت الطفلة الصغرى للعائلة ” ندى ” المنزل بصحبة طفل ،قدمته لأمها ذة. ” ماجدولين ” ،على أساس أنه صديقها و يقضي معها اوقاتا ،يلعبان فيها و يمرحان في المركب الرياضي الصغير الذي يوجد بالحي.
و بمجرد أن وقعت عينا ذة .” ماجدولين ” على الضيف الصغير ،إلا و شعرت بقلبها ينتفض داخل قصفها الصدري و كأنه سينط خارجه أو سيشقه.
كما أنتابتها حالة خوف و رغبة في الغثيان ،سرعان ما انقلبت إلى فضول لمعرفة من يكون ذاك الطفل.
أدخلته المنزل و أعطته بعض الحلويات و كأس شاي ،ثم انصرفت إلى الحجرة التي تودع فيها حاجاتها الثمينة و اشياءها القديمة.
بحثت عن صور ابنها ” سامي ” و تأكدت أن له شبها كبيرا بالطفل الغريب و الزائر الوديع.
رجعت إلى حيث هو ،و استدرجته في الحديث ،لتعرف سكناه، فأكد لها أنه يقطن بنفس الحي .
كان الطفل ” أحمد ” – و هكذا كان يسمى – لطيفا ،خجولا .
و دعته الطفلة ” ندى ” بمعية امها ذة .” ماجدولين ” ،ملتمستين منه تكرار الزيارة .
و مباشرة بعد ذلك ،هرعت ،هذه الأخيرة، إلى مفوضية الشرطة من أجل إبلاغها بكونها عثرت على ابنها ” سامي ” الذي فُقِدَ ذات يوم.
لم يعر اي احد من رجال الأمن أهمية لبلاغها . لكنها ظلت تلح و تتردد على مصالحها زاعمة انها تشعر اتجاهه بشعور خاص هو أقرب للأمومة.
بناء على ذلك استطاعت الضابطة القضائية و بأمر من النيابة العامة أخذ بصمات الطفل و بعض لعابه، لإجراء خبرة جينية في الموضوع .
كانت النتيجة مفاجأة و وقعها قوي على العائلة برمتها . و خلصت الخبرة إلى أن الطفل ” أحمد ” هو نفسه الذي كان يسمى ” سامي ” و الذي اختفى ذات سنة ،في ظروف غامضة ،و هو ابن السيد ” ياسر ” و ذة. ” ماجدولين ” و يعيش مع أبيه الارمل الذي رباه لوحده بعد أن انتحرت أمه التي تكفلت بتربيته.

يتبع…

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading