أي فن نريد ؟؟؟

11 يناير 2022

الفنان : محمد الرايس:

كما هو حزين حينما أتذكر زمن الإبداع الجميل … يومها كانت أرضية الفن نظيفة و غير ملوثة ولا يشوبها تشويه و كثرة المشعوذين ، كان وقتها عالم التشكيل له جمهور شغوف و يعشق زيارة أروقة الفن التي تقيم معارض هادفة و جميلة ، والتي كانت لها فلسفة وخطاب تواصل وتأثير بين العمل الفني والمتلقي، كانوا طلاب الفنون التشكيلية بمدارس الفنون الجميلة ومحترفات ومراكز الفن المختلفة ، تسكنهم الروح الفنية الطاهرة و الرغبة في التعلم و التكوين الفني بهوس وجنون ، ويحلمون بصقل موهبتهم قصد الذهاب بعيدا في التفكير والتعبير ، ومن خلال تطويرها بالممارسة التطبيقية والتقارب العلمي من اللغة التشكيلية على أساتذة التعليم الفني ذوالتجارب والخبرة ، والهيام والترحال ، والمحتكين بمسارات كبار الفنانين العالميين ، و كذلك حب زيارة المتاحف العالمية والتعرف على كبار رسامي مدارس النحت والتصوير،وتاريخ الفن الكلاسيكي والحديث وفناني الحركات الطلائعية ، يومها كانوا طلاب الدراسات العليا للفن تسكنهم روح البحث والمعرفة والتثقيف ، ومطالعة مجلات الفن التشكيلية العالمية، ويترددون على مكتبات المعاهد ومراكز الفن الحديث والثقافة المعاصرة،ويطلعون على فهرسات الفنانين العالميين ، ويتفحصون المجلات الرائدة في الثقافة العامة والفنيةالبصرية التي يحررها مختصين حقيقيين أساتذة جامعيين في شعب تاريخ الفن ، من مؤرخي تاريخ الحضارات و الفنون و مفكرين في الفكر والجمال ، و نقاد الفن العالمين ،و المتخصصين في مفاهيم الفلسفة البصرية التشكيلية المعمقة ، وحيث زمانها كان سبيلنا الوحيد ، مكتبات المراكز الثقافية الأجنبية ، حيث منها نغرف الكثير من المعلومات المفيدة ، أما اليوم في زمن التفاهات والعولمة و متاهات تكنولوجيا الإعلام الرقمي ، والمواقع الإفتراضية العشوائية، حيث إمتلأت الساحة بالبوز والمظاهر السطحية ، و تطفو المغالطات ، وكثرة الإستحمار والغباء و المزيد من الأمية البصرية .. حيث لم نعد نفرق بين الغث والثمين ، من كثرة المتطفلين والدخلاء وأشباه الفنانين المزيفين ..الذين نصبوا أنفسهم وصاة بكل علانية وبلا إعتراف وبلا تقييم ، زعماء وصاة على الشأن الفني بكل عبثية ، بين صباح وعشية ، وهم لايفقهون حتى المبادئ الأوليةالمدرسية، و التقنيات البدائية، وليس لهم أدنى فهم في تراكمات المذاهب الفنية التقليدية و الحداثية ، وما عرفها القرن 20 من تراكمات و حركات طلائعية.. كلها ذلك لم يأتي من فراغ…. أما اليوم لا تكوين فني بمفهومه الصحيح ولا إهتمام ولا مواكبة بمفاهيم الحركات التشكيلية العالمية ، و لا محاولة للتعرف على كل ما جديد قصد الغوص والدفع بالتجارب المحلية نحو الكونية ، الغالبية العظمى تمارس بدون تصور ولا فطنة فكرية ، لا تجريب ولا إضافة وإستمرارية ، ولا محاولات ملموسة ومحسوسة بالمصطلحات الفنية والمفردات التشكيلية، لا إلمام بتاريخ الفن والحضارات الإنسانية ، ولا تعبير تشكيلي صحيح يتفاعل مع تناقضات الحساسية الزمنية ، والغريب بالرغم من كل هذا الفقر…، تجدهم زعماء في الصفوف الأولى ينصبون أنفسهم أوصياء بكل عشوائية بالعديد من المنابر الإفتراضية ووسائل التواصل الإجتماعية و في زمن تفاهات الشبكة العنكبوتية، يتحدثون بإسم الفن والفنانين بلا حياء ولا خجل . ختاما هذه مجرد تدوينات شخصية ولا تمس أحدا بالتحديد ، و مجرد غيرة ذاتية عن وضعية مجال الفن التشكيلي الذي أصبح يعرف فوضى عبثية عارمة لا تطاق بسبب غياب تنظيم من طرف مختصين في الإبداع الفني بمفهومه الصحيح ، وقصد الخروج من هذا النفق المظلم إلى النور ، يجب التفريق بين الفنان الحقيقي وأدعياء  الفن ، وبين العمل الفني الأصيل والعمل السوقي الزائف الذي يعتمد على الصنعة والحرفية ، ويفتقد للصدق في التعبير عن الواقع والتفاعل مع الظرفية الزمنية التي تتخبط فيها الإنسانية…..

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading