ذ : إدريس حيدر
دلف إلى مكتبي شاب في عقده الثاني . ابيض البشرة ،قصير القامة ، شعر رأسه أشعث، لحيته كانت خفيفة و يرتدي ملابس شبابية و تفوح منه رائحة عطر معروفة في شمال المغرب ( إينو دي برافيا Heno de Pravia) ، و هو صناعة إسبانية.
كان مرتبكا في البداية ، بل وجد صعوبة في بسط مشكلته أو القضية التي جعلته يلجأ إلي .
هدأته، و أكدت له أن الأمر عادي ،خاصة إذ لم يسبق له اللجوء إلى مكتب محام أو إلى المحكمة من أجل حصوله على حق أو طلبه رفع مظلمة تضرر منها ، و بالتالي و لمساعدته ،اقترحت عليه أن أطرح مجموعة من الأسئلة و عليه أن يجيب و ربما ساعدته هذه الطريقة على عرض مشكلته .
وافق ،فكان سؤالي الأول هو :
” ما اسمك ؟ ”
أجاب:
” محمد السريفي “.
” ما هو عملك ؟”
رد:
” مهنتي عامل نظافة في إسبانيا ”
” و ما سبب طرقك بابي؟” .
مباشرة ،انطلق مجيبا عن سؤالي من دون توقف ،قائلا :
” لقد تزوجت بفتاة مغربية تسمى : ” خديجة الواعر ” عمرها 19 سنة ، و كانت رغبتي بطبيعة الحال تكوين أسرة و ضمان حياة كريمة لافرادها بالعمل ،التعاون ، التعاقد و التضامن .
و هكذا أعددت لها وثائق التحاقها بي هناك في ديار المهجر .
في البداية كانت تشعر بالغربة و الكآبة ،نظرا ، لابتعادها عن أهلها و بلدها . فكانت تقضي وقتها كاملا بالمنزل و في خدمتي خاصة و انها لم تكن تعمل او تحسن الحديث باللغة الإسبانية .
و مع مرور الوقت بدأت تخرج من المنزل من أجل التبضع و قضاء بعض المآرب المنزلية و كانت وسيلتها في التواصل مع الغير هي لغة الإشارات.
و بعدها تعرفت على بعض الجارات الإسبانيات اللائي اقترحن عليها تعلم لغتهن بهدف اندماجها في المجتمع الإسباني و انتسابها لإحدى الجمعيات التي تعنى بشؤون المرأة.
لم أعارض إطلاقا اختياراتها، إلا أنها بدأت تعود للمنزل في ساعات متأخرة، كما أنها لم تعد تهتم بي.
حذرتها أكثر من مرة ،إلا أنها أمعنت في نهجها و اختياراتها ،بل و الأدهى من ذلك ، إنها كانت تقضي المساء كله في مراجعة دروسها المتعلقة بتعلمها اللغة الإسبانية .
و كانت بين الفينة و الأخرى تخاطبني بالإسبانية ، بتعال و نرجسية كبيرتين .
و إذن لم أعد أعيش في راحة و اطمئنان كما كنت انشد .
و لذلك لجأت إليك من أجل أن ترفع لي قضية طلاق في مواجهة زوجتي ،” نجمة “.
يتبع…
تشكيل : إدريس حيدر.