
– عبد الكبير محمدي :
شهدت الدورة الاستثنائية لمجلس جماعة قصر بجير غياب ثمانية أعضاء دفعة واحدة، في لحظة سياسية دقيقة كان ينتظر فيها أن يتحمل الجميع مسؤولياتهم كاملة داخل مؤسسة منتخبة يفترض أن تعكس إرادة المواطنين وتدافع عن مصالحهم.
هذا الغياب الجماعي لم يمر دون أن يثير موجة من الأسئلة، خصوصا أنه جاء بعد قرار تأجيل غير مبرر لنقطة كانت مدرجة في دورة أكتوبر، وتتعلق بـ معاينة استقالة ثلاثة أعضاء بسبب تكرار غيابهم غير المبرر.
من الاستقالة بسبب الغياب… إلى الغياب الجماعي!
النقطة المؤجلة المتصلة بمعاينة استقالة ثلاثة أعضاء كان من المفترض – من الناحية السياسية والأخلاقية – أن تكون رسالة واضحة لباقي الأعضاء حول أهمية الالتزام بالحضور وعدم تعطيل المؤسسة المنتخبة.
لكن المفارقة أن المجلس يجد نفسه اليوم أمام غياب ثمانية أعضاء دفعة واحدة في دورة استثنائية، وهو رقم يطرح علامات استفهام أكبر مما يجيب.
هل كان من المفترض أن يؤدي تهديد فقدان العضوية إلى تعزيز الانضباط داخل المجلس؟
نعم.
هل حصل ذلك؟
الواقع يقول العكس تماما
أسئلة مشروعة حول خلفيات الغياب
غياب ثمانية أعضاء قد يكون له مبررات فردية في بعض الحالات، لكن تزامن هذا الغياب الجماعي مع جدول أعمال يتضمن نقطة حساسة مثل “الأراضي العارية” يجعل السؤال مشروعا:
هل يتعلق الأمر بمجرد صدفة؟
أم أن بعض الأطراف كانت تسعى لعدم اكتمال النصاب وعرقلة التداول في النقطة؟
وهل نحن أمام حالة “إذا أُمن العقاب أُسيء الأدب”، حيث يصبح الغياب بلا تبعات؟
أم أن هناك فعلا“أمرا دبر بليل” لإسقاط النقطة أو تأجيلها؟
هذه الأسئلة لا تعني اتهاما مباشرا لأي طرف، لكنها جزء من النقاش السياسي الطبيعي الذي يفرضه السياق، خاصة في ظل تراجع منسوب الثقة في المؤسسات عندما تظهر مؤشرات التعطيل أو غياب الجدية.
المجالس المنتخبة ليست فضاءات لرفع الشعارات فقط، بل هي قبل كل شيء مسؤولية يومية، أساسها احترام القانون، حضور الجلسات، والمساهمة في اتخاذ القرارات التي تهم المواطنين.
وعندما يتحول الغياب إلى أداة تأثير أو وسيلة ضغط، فإن المؤسسة بكاملها تصبح رهينة حسابات ضيقة
غياب ثمانية أعضاء عن الدورة الاستثنائية، بعد أسابيع فقط من الحديث عن استقالة ثلاثة أعضاء بسبب الغياب المتكرر، يعكس أزمة انضباط سياسي وأخلاقي داخل المجلس.
والأخطر أنه يفتح الباب أمام التأويلات، خاصة حين تتزامن الأحداث مع نقط حساسة مثل “الأراضي العارية”.
وفي خضم هذا المشهد الملتبس، يبرز سؤال موجه إلى السلطات الإقليمية بصفتها الجهة الوصية والمسؤولة عن ضمان السير العادي للمجالس المنتخبة:
إلى أي حد ستتدخل السلطات الإقليمية لتفعيل دورها الرقابي وضمان احترام القانون، ووضع حد لحالة التسيب والغياب غير المبرر التي باتت تعطل مصالح الساكنة؟
فالمرحلة تتطلب وضوحا وحزما، لأن استمرار الوضع على حاله يهدد مصداقية المؤسسات المنتخبة ويجعل المواطن هو الخاسر الأكبر.
المطلوب اليوم هو:
تفعيل المقتضيات القانونية بصرامة،
تكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة،
ووضع حد لاستعمال الغياب كسلاح سياسي يؤثر في مصالح الساكنة.
فعندما تغيب الرقابة، تفتح الأبواب أمام كل أشكال العبث، ويحق للناس أن يتساءلوا:
هل نحن أمام سوء تقدير من طرف المجلس… أم سوء نية؟