احميدو البحار” (04)

29 ديسمبر 2024
Oplus_0

بقلم : ذ . ادريس حيدر 

و صبيحة الغد ، عثرت الجهات المسؤولة على جثة “المختار بوشريط ” مرمية على أحد الشواطئ البعيدة عن ميناء المدينة ، و تبين أنه لازال حيا .
ثم توالت الأيام ، فعثرت على باقي الجثث في وضعية إتلاف و متآكلة .
و عندما استرجع ” المختار بوشريط ” عافيته ، حكى ما وقع في تلك الليلة الرهيبة ، و مما جاء على لسانه :
” بدأت تهب رياح هوجاء بقوة ، رافقتها أمطار طوفانية ، تراقص القارب أنذاك ، بفعل تلاطم الموج ، و فجأة سقط في عرض البحر :” محمد الأعور” ، و بالرغم من محاولاته النجاة من الغرق عن طريق السباحة ، في تلك الأوضاع الخطيرة ، و التحاقه بالقارب ، إلا أنه فشل و لم يتمكن من تحقيق مبتغاه .
و بينما كان ” احميدو” يحاول إنقاذه و مساعدته ، و ذلك برميه له حبلا لجره ، سقط ” محمد الأعور” هو الآخر .
و تفاديا لتلك النهاية المأساوية التي كانت تنتظر الغربقين ، رمى ” احميدو” بنفسه في اليم من أجل مساعدتهما و إنقاذهما ، غير أنه و بعد الجهد الكبير الذي بذله ، اختفى بصحبة رفيقيه في ثنايا الأمواج ، و ماهي إلا لحظات حتى لطمتني – يضيف – إحدى الموجات العاتية و قذفتني في عمق البحر .
لم أعد أتذكر شيئا ، إلى أن عُثِرَ عليَّ مرميا على الشاطئ و مغمى علي.
بكت عائلات الصيادين ” احميدو البحار” ، الرجل الشهم و الشجاع ، و كذا رفيقيه ،
و بعد مرور الوقت وتعاقب السنين ، ظهر و برز بين الصيادين ، رجال آخرون من نفس طينته ، و لُقِّبوا من طرفهم بنفس لقبه تكريما له .
و هكذا ، إذن ، فإن قصص البحر كثيرة و عجيبة و مختلفة ، و كذلك حكايات الصيادين معه ، فإما يمنحهم القوة و الحياة و المجد ، و إما التعب و الحسرة و الموت .

انتهى /…

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Breaking News

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading