
بقلم : ذ . ادريس حيدر
و صبيحة الغد ، عثرت الجهات المسؤولة على جثة “المختار بوشريط ” مرمية على أحد الشواطئ البعيدة عن ميناء المدينة ، و تبين أنه لازال حيا .
ثم توالت الأيام ، فعثرت على باقي الجثث في وضعية إتلاف و متآكلة .
و عندما استرجع ” المختار بوشريط ” عافيته ، حكى ما وقع في تلك الليلة الرهيبة ، و مما جاء على لسانه :
” بدأت تهب رياح هوجاء بقوة ، رافقتها أمطار طوفانية ، تراقص القارب أنذاك ، بفعل تلاطم الموج ، و فجأة سقط في عرض البحر :” محمد الأعور” ، و بالرغم من محاولاته النجاة من الغرق عن طريق السباحة ، في تلك الأوضاع الخطيرة ، و التحاقه بالقارب ، إلا أنه فشل و لم يتمكن من تحقيق مبتغاه .
و بينما كان ” احميدو” يحاول إنقاذه و مساعدته ، و ذلك برميه له حبلا لجره ، سقط ” محمد الأعور” هو الآخر .
و تفاديا لتلك النهاية المأساوية التي كانت تنتظر الغربقين ، رمى ” احميدو” بنفسه في اليم من أجل مساعدتهما و إنقاذهما ، غير أنه و بعد الجهد الكبير الذي بذله ، اختفى بصحبة رفيقيه في ثنايا الأمواج ، و ماهي إلا لحظات حتى لطمتني – يضيف – إحدى الموجات العاتية و قذفتني في عمق البحر .
لم أعد أتذكر شيئا ، إلى أن عُثِرَ عليَّ مرميا على الشاطئ و مغمى علي.
بكت عائلات الصيادين ” احميدو البحار” ، الرجل الشهم و الشجاع ، و كذا رفيقيه ،
و بعد مرور الوقت وتعاقب السنين ، ظهر و برز بين الصيادين ، رجال آخرون من نفس طينته ، و لُقِّبوا من طرفهم بنفس لقبه تكريما له .
و هكذا ، إذن ، فإن قصص البحر كثيرة و عجيبة و مختلفة ، و كذلك حكايات الصيادين معه ، فإما يمنحهم القوة و الحياة و المجد ، و إما التعب و الحسرة و الموت .
انتهى /…