– الكتابة بين العزلة والياس والامل- (قصة قصيرة جدا..!)

20 ديسمبر 2024
Oplus_0

-ذ . أحمد الشواي :

في سن العشرين، كان “فؤاد” شابًا متوهج الفكر، واسع الثقافة، يحمل بين يديه مؤهلات تفتح له أبواب المستقبل على مصراعيها. كان الجميع يتحدث عن مستقبله الواعد، وكيف يمكن أن يصير رمزًا للنجاح والرخاء. ولكنه، وعلى عكس كل التوقعات، اختار طريقًا مختلفًا.

لم يكن قرار “فؤاد” بالانعزال والكتابة أمرًا سهل الفهم بالنسبة لمن حوله. فالشاب الذي بدا وكأنه يمتلك كل شيء؛ ذكاءً، إبداعًا، وحتى مهارات قيادية، قرر أن ينزوي في ركنٍ صغير من حياته، بعيدًا عن الأضواء، وراح يغزل كلماته على صفحات بيضاء، كمن يبحث عن نفسه وسط حطام واقع مرير.
ذات يوم، وبينما كنت أتصفح إحدى كتاباته، تساءلت عن السبب الذي دفعه لهذا الطريق. كان النص يعكس حزنًا عميقًا، لكنه كان مشبعًا بالصدق. اقتربت منه وسألته مباشرة:
– “فؤاد، لماذا تكتب؟”
نظر إلي بعينيه المليئتين بالهدوء، كمن وجد جوابه منذ زمن بعيد، وقال:
– “الكتابة بالنسبة إليّ ليست مجرد كلمات تُسطر على ورق، إنها رغبتي الفكرية الذاتية، هي طريقتي لمقاومة العزلة واليأس. هي ما يجعلني أتنفس.”
صُدمت بكلماته، فلم أكن أرى في حياته ما يدعو للعزلة أو اليأس. كان لديه كل ما يحتاج ليكون في أرفع المناصب، فقلت متعجبًا:
– “لكن لماذا؟ لديك كل المقومات لتكون في أفضل المناصب، لتكون قائدًا في هذا المجتمع!”
ابتسم ابتسامة خفيفة، وظهرت على وجهه ملامح ارتياح غريب، ثم أجابني بجملة أثارت فيّ الكثير من التفكير:
– “أفضل المناصب هي أن تكون سيد نفسك.”
توقف الزمن لحظة، وأنا أفكر في كلماته. لم أجد ما أقوله. شعرت أنني أمام شخص يعيش حياته وفق قناعاته الخاصة، حتى وإن كانت تلك القناعات بعيدة عن المنطق الاجتماعي. اكتفيت بالصمت، بينما كان هو يُعيد ترتيب أوراقه، وكأنه لم يقل شيئًا استثنائيًا.
خرجت من لقائي معه وأنا أحمل سؤالًا واحدًا: هل يمكن للمرء أن يعيش حياته حقًا كـ”سيد نفسه”، بعيدًا عن كل الضغوط والتوقعات؟ أم أن هذه الحرية التي اختارها “فؤاد” هي رفاهية لا يملكها الجميع؟

( هذه القصة من محض الخيال لا علاقة لها باي شخص أو مكان أو زمان..!).

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading