
ذ. ادريس حيدر :
نفس الشعور راودني ثانية ، و لكن هذه المرة ، اتجاه أستاذتي الفرنسية ، و التي كانت تكبرني بسنوات .
جمال وجهها و قوامها الرفيع ، جعلاني أغوص و أفنى في بحر حبها .
و ربما كانت تشعر بي ، نظرا لنضجها و تجربتها الطويلة كمربيّة و أستاذة لفئات عمرية مختلفة .
و كانت كلما وجّهت لي الكلام ، إلا و ارتبكتُ و تلعثمتُ و احمر وجهي ، أنذاك كانت تعلو محياها ابتسامة صغيرة تفيد إدراكها لوضعي و مشاعري اتجاهها .
كنتُ فعلا أحبها .
و أما أستاذ اللغة العربية ، الوسيم و الأنيق ، و الذي كان يمتعنا كتلامذته بطرق تواصله معنا ، و بإخلاصه و تفانيه في العمل ، و حَثِّهِ لنا على الإيمان بالقيم الفضلى و التمسك بها .
هذا المربيان شخصية نموذجية و جذابة ، إن على مستوى الشكل أو المضمون . و بالتالي لن أنساه أبدا .
أجل ، إن الجمال يبعث لدى الإنسان نوعا من الجاذبية و الاستحسان نتيجة روعة ما يشاهد .
و الجمال كما هو معلوم ، مرتبط بالجودة في الشيء أو الشخص ، و التي تمنح متعة شديدة أو رضى عميق للعقل ، سواء ناشئة عن مظاهر حسية مثل : الشكل ، اللون ، الصوت …الخ ، أو تصميم أو نمط ذو معنى مثل الشخصية التي تتجلى فيها الصفات الروحية العالية .
و مع تقدمي في العمر ، أشهد أنني استمتعتُ كثيرا ، بجمال الصور الشعرية ، و شَنَّفْتُ مسامعي بروائع من الموسيقى بكل تلاوينها ، أشكالها و أنواعها ، و انبهرت بروايات عُدَّت من أمهات الإبداعات المكتوبة و نُقِلَ البعض منها ، أحيانا ، إلى أفلام سينمائية .
و غمرتني مشاعر الرضى و الارتياح ، و أنا أتمتعُ بمسرحيات – لأب الفنون – رائعة و استثنائية بكل المقاييس الجمالية .
و لن أنسى كذلك بهاء بعض اللوحات التشكيلية ، و التي خِلْتُهَا تنطق أو تتكلم من فرط جمالها
يتبع …