ذ. ادريس حيدر
كان اليوم ربيعيا ، حيث النسائم العليلة كانت تهب بين الفينة و الأخرى ، مداعبة وجدان البشر ، كما أن الجو كان معتدلا ، في حين أن عطر الورود و الزهور كان يفوح و يزكي كل الأرجاء .
و في يوم معين لا أتذكر تاريخه ، وقفتُ على القنطرة الصغيرة المؤدية إلى حي العروبة (Bario) ، الذي كانت أسرتي تسكنه و القريبة من الثانوية المحمدية ، في انتظاري لحافلة التلفزة الإسبانية (TVE) ، التي كانت تحمل التقنيين و المخرج و كذا الأديب و المفكر العالمي : ” خوان غوايتيسولو” ، العاشق للمغرب ، بحيث كان يقيم في مدينة ” مراكش” كل نصف سنة و الباقي في مدينة ” باريس” . و هو الذي رافع عن مروثها اللامادي أمام ” اليونسكو” من أجل اعتماد ساحة :” جامع ألفنا” تراثا عالميا .
كان هذا الرجل الاستثنائي ، يُعِدُّ للتلفزيون الإسباني برنامجا جيدا و مفيدا ، اختار له إسم ” القبلة” Al kibla » مع ما يحمله هذا العنوان من دلالات و معاني جد قوية ، خاصة و أنه كان مفتونا بالحضارة الإسلامية .
و كان موضوع الحلقة ، هو مدى التأثير القائم و المتبادل مابين الإسبان المقيمين في البلاد الإسلامية و هذه الأخيرة .
و كان يُعٍِدُّ قراءات رفيعة على هامش شهاداتهم حول تلاقح الحضارتين من خلال تجاربهم الخاصة و الإنسانية على وجه التحديد ، بمعنى آخر ماذا نقل الإسباني من قيم غربية فضلى للمجتمع المسلم ، و ماهي تأثيرات الموروث و القيم الإسلامية على الإسباني المقيم في البلاد العربية / الإسلامية ؟ .
لذلك كانت رحلته و من معه في اتجاه منزلنا بالحي الشعبي المذكور أعلاه من أجل محاورة المرحومة :” أمي ” من أجل نقل شهادتها و تقييمها حول موضوع الحلقة الجد هام .
يتبع…