بورتريه كارلوس نافال .. الجندي المجهول داخل البارصا

23 سبتمبر 2023

* محمد الحاجي

في مارس 2021 و بعد أيام من عودة جوان لاپورطا إلى كرسي رئاسة البارصا ، استدعى مندوب النادي المرافق للفريق الأول كارلوس نافال ليطلعه على اعتزام الإدارة تجديد مكتبه بحواسيب جديدة و بعض الآليات لكي تساعده على عمله في إطار المشروع الجديد للنادي .. الموظف كارلوس أجاب باقتضاب : ” شكرا لكم ، يمكنكم وضع ما شئتم من الحواسيب و من الآليات ، لكن أنا سأحتفظ بقلم الرصاص و أوراقي الصغيرة التي أدون فيها معلوماتي ” .

منذ 36 سنة و كارلوس نافال يشكل جزءً من كرسي احتياط البارصا ، هو أقدم موظف في النادي الذي عشقه طفلا صغيرا منذ أن ازداد سنة 1955 بإحدى الأحياء القديمة لمدينة برشلونة .. سنة 1972 كانت بداياته الأولى التي سيشتغل فيها داخل الإدارة براتب هزيل .. سنوات بعد ذلك و بالضبط سنة 1987 سيعيَّن مندوبا للفريق الأول بالتزامن مع تغييرات هيكلية أطلقها رئيس البارصا آنذاك خوصي لويس نونييس .. يقول كارلوس في حوار مع صحيفة إلموندو ديبورتيڤو المقربة من النادي : ” عندما تم تعييني اعتقدت للوهلة الأولى أنني في مهمة مؤقتة ستنتهي بعد شهور ، و لم أكن أعتقد أنني سأبقى طيلة هذه السنوات الطويلة ” .

دائما عندما تسلط الكاميرات على كرسي احتياط البارصا ، ناذرا ما يغيب وجه كارلوس نافال .. صار مثل ” السكودو ” الذي يعتلي قميص النادي الكطالوني .. دائمًا تجده بالقرب من المدرب يشرف بكل مهارة على كل التفاصيل التقنية و الإدارية أثناء مباريات البارصا و يتواصل مع الحكم الرابع من أجل التغييرات ، ويهتف للبدلاء ويهنئ الجميع عند صافرة النهاية، كما يمكنك رؤيته في جميع صور الاحتفال بأي لقب بجانب اللاعبين والجهاز الفني، وعند إجراء تبديل لاعب بآخر تجده أول من يقدم التحية للاعبين بعد استبدالهم فضلًاعن أنه أول شخص يصل التدريبات كل يوم.

كارلوس نافال هو أيضا علبة أسرار للكثير من الأحداث و الوقائع عاشها مع البارصا طوال سنوات و مراحل كثيرة بقيت في طي الكتمان و عصية على تلصص الصحافة الرياضية الإسبانية المعروفة ببراعتها العجيبة في الوصول إلى التفاصيل الموجودة خلف جدران مقرات الأندية و مستودعات الملابس .. مر عليه 7 رؤساء للنادي و 18 مدربا و حضر أكثر من 2500 مباراة و عايش ما بين 600 و 700 لاعب مروا من الفريق الأول للبارصا كان و لا يزال كارلوس يحضى بين لاعبي النادي باحترام كبير و يعتبرونه في مقام الأب و الأخ الأكبر .

تواضعه الدائم و طيبوبته الواضحة كثيرا ما جعلت أحدا من اللاعبين يهاتفه في وقت متأخر ليطلب تدخلا من أجل إصلاح جهاز التكييف في غرفته ، أو آخر اشتد به ألم ما ليطلب من كارلوس الإتصال بطبيب النادي ، أو لاعب آخر ليطلب مساعدته من داخل زحام المرور على كيفية الوصول إلى ملعب التداريب من طريق مختصر .

من المواقف الطريفة التي سردها خلال مسيرته الطويلة داخل قلعة البلاوغرانا ، وقعت خلال ليلة التتويج ببطولة دوري أبطال أوربا سنة 2009 بالملعب الأولمبي بروما .. فبعدما عاد لاعبو الفريق للفندق لمواصلة الإحتفال ، تفقدوا الكأس الثمينة فلم يجدوها ، لكن بعد لحظات من الفزع و السؤال في كل الإتجاهات ، اكتشفوا أنها في غرفة المدرب غوارديولا الذي وضعها فوق سريره لينام بجانبها قبل العودة إلى برشلونة في اليوم الموالي .

و هو يكمل سنته 68 من عمره لازال كارلوس نافال هو ” الجندي المجهول ” الذي يقوم بعمله باحترافية بارعة مثل اليوم الأول الذي التحق فيه بكرسي احتياط البارصا .. يقول في إحدى حواراته مع صحيفة لابانݣوارديا : ” أنا موظف داخل النادي و أفتخر بكل هذه السنوات 36 التي شغلت فيها منصب مندوب النادي و أفتخر أيضا بثقة جميع مسيري البارصا طوال هذه السنوات ، أعيش حاضري و أقوم بعملي ، و إذا طلبوا مني المغادرة سأغادر ” .

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading