دفن الماضي (06)

22 سبتمبر 2023

ذ . ادريس حيدر

أودع ” محمد ” أمه بمنزل العائلة و اهملها و عرضها للجوع، و ظلت هناك بمثابة سجينة .
انعكست تلك الفترات الصعبة عليها فاعتلت صحتها حيث هرمت بسرعة و وهن جسدها كليا ، بل تفاقم وضعها الصحي بسبب مرض ” ألزهايمر ” الذي أصيبت به هو الآخر .
بدأت تخرج من المنزل في ساعات متأخرة من الليل عارية كما ولدتها أمها و تائهة في أزقة الحارة ، في جوف الليل ، و كان الجيران يرجعونها للبيت .
و هم الذين كانوا ينظفونها من حاجياتها الطبيعية المتجمعة في اسمالها و في أركان المنزل .
كانت قد أصبحت هي الأخرى- كما ” بوعزة “- متسخة ، و تنبعث منها روائح كريهة و نتنة.
لم يحرك ابنها ” محمد ‘” ساكنا ، بل كان يتلذذ و كأنه ينتقم منها لأنها اهملته ذات فترة و اختارت العيش مع عشيقها بعيدا عنه.
كانت هي الأخرى كلما حلت بها لحظات من الصفاء ، ، إلا وتعترف فيها لابنها بخطاياها الجسيمة التي ارتكبتها في حقه و تطلب منه أن يسامحها .
توفيت امه ” فطومة ” وحيدة ، مهملة كما أنها عانت كثيرا بسبب امراضها دون مساعدة ابنها ” محمد ”
قام بدفنها بسرعة ، و كأنه كان يرغب في طي صفحة عائلة ملعونة و دفن الماضي المؤلم و التعيس.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading