ذ . ادريس حيدر
أودع ” محمد ” أمه بمنزل العائلة و اهملها و عرضها للجوع، و ظلت هناك بمثابة سجينة .
انعكست تلك الفترات الصعبة عليها فاعتلت صحتها حيث هرمت بسرعة و وهن جسدها كليا ، بل تفاقم وضعها الصحي بسبب مرض ” ألزهايمر ” الذي أصيبت به هو الآخر .
بدأت تخرج من المنزل في ساعات متأخرة من الليل عارية كما ولدتها أمها و تائهة في أزقة الحارة ، في جوف الليل ، و كان الجيران يرجعونها للبيت .
و هم الذين كانوا ينظفونها من حاجياتها الطبيعية المتجمعة في اسمالها و في أركان المنزل .
كانت قد أصبحت هي الأخرى- كما ” بوعزة “- متسخة ، و تنبعث منها روائح كريهة و نتنة.
لم يحرك ابنها ” محمد ‘” ساكنا ، بل كان يتلذذ و كأنه ينتقم منها لأنها اهملته ذات فترة و اختارت العيش مع عشيقها بعيدا عنه.
كانت هي الأخرى كلما حلت بها لحظات من الصفاء ، ، إلا وتعترف فيها لابنها بخطاياها الجسيمة التي ارتكبتها في حقه و تطلب منه أن يسامحها .
توفيت امه ” فطومة ” وحيدة ، مهملة كما أنها عانت كثيرا بسبب امراضها دون مساعدة ابنها ” محمد ”
قام بدفنها بسرعة ، و كأنه كان يرغب في طي صفحة عائلة ملعونة و دفن الماضي المؤلم و التعيس.