مقام البوح 4 باعبد القادر ، خوف وحكمة

5 أغسطس 2023

محمد اكرم الغرباوي :محرج وكاتب

ونحن نحب الحياة ، كنا نتمادى في الكشف عن أسرارها بعيدا عن أحياءنا البسيطة أحيانا ، بالفرح الطفولي نترجل وسط الحي المذهل الطويل . فنعيش حكايا بطولاته عبر نسائم أزقته الملتوية ورائحة المطابخ عبر نوافذ تشكلت بأيادي محلية متقنة الصنع ، العطارين ونسمة خيوط الحرير ، و حرائر الشريفات الطرازات القصريات و المعلمين بين محلات سي محمد الشريف ، و العياشي ، و عبد السلام الى حيت المعلم الروابزي و صنعة السليكو( غربال الدقيق او الزرع ) و الرابوز وصولا للقزدارين ووصلات الحلوى القزديرية الصنع و النقايرية و أحاديث الأصلي و المرشوش ، كانت تستهوينا هذه الطريق لنتوغل أكثر في متاهات الازقة الجانبية المقابلة لدرب جناح و شاوش ثم العودة سريعا الى زقاق الديوان الطويل كلما توجسنا خيفة او تحسبا لطارئ . كنا نمر وبخاطرنا حكايا البطولات الليلية التي كنا نستمع اليها من شباب حديقة السويقة . وكنا نرسم ايضا ملامح و شخصيات و نتخيل الفضاءات و الاحداث و نتائج الملامح أيضا .المرور من تحت صابة الفران المفضي لساحة درب كناوة ثم المنصور وتجلي الضوء بعد ظلمة الأزقة وبرودتها كانت انتصارا نفسيا . و فرصة للحديت عن هدف رحلتنا الطويلة غير الإكتشاف و الكشف . من أحياء الشريعة إلى هنا عدوة باب الواد .

المسار الآن باتجاه زقاق آخر مقابل لسينما المنصور ومنتهاه دار الدباغ . حيت أسطول طويل من الدراجات الهوائية ذات الألوان الموحدة ، زرقاء و حمراء . تحمل أرقاما بيضاء فوق جناح عجلاتها . ذات فرامل واحدة يدوية أو برجل عصية ،دكان باعبد القادر مستطيل طويل به دراجات هوائية ذات صباغة جيدة معلقة بمسامير طويلة على الجدران ، بباب المحل سطل كبيرة بها ماء و أدوات تصليح العجلات باستعمال السيليسيون و البارتشي . شرط كراء الدراجة يتطلب زبون ثقة معروف له ليقوم بتزكيتك عند با عبد القادر .
أول سؤال له .
– واش كتعرف البيكالا ؟
– سبق لك ركبتي ؟
مهما كان الجواب بعد التزكية . يقابله رد با عبد القادر ب
– أرا 3 دراهم ، وطلع للشارع قبالتي .
كنا نجر الدراجة بزهو و بطولة . لنتبادل الركوب عليها لمدة 3 دراهم كاملة . وبتحمل كبير لخوف المسار الطويل ، و ألم الجروح الذميل .كانت ساحة المنصور شبيهة بحلبة سباق لا تهدأ من صراخ المبتدئين . وعند كل صرخة متعلم . يقف با عبد القادر شاهرا حكمته البليغة ” اسمع أولدي اترك لعابك على الأرض واعقل عليه . من اليوم و الله لا طحتي ”
هنا كان السقوط بداية التفوق و القيادة السليمة .
هنا علمنا المعلم البسيط الحكيم أن ” الجرح و الألم مفتاح تخطي خوف المسار دون نزغ ليمين او يسار ” .

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading