
محمد اكرم الغرباوي :محرج وكاتب
ونحن نحب الحياة ، كنا نتمادى في الكشف عن أسرارها بعيدا عن أحياءنا البسيطة أحيانا ، بالفرح الطفولي نترجل وسط الحي المذهل الطويل . فنعيش حكايا بطولاته عبر نسائم أزقته الملتوية ورائحة المطابخ عبر نوافذ تشكلت بأيادي محلية متقنة الصنع ، العطارين ونسمة خيوط الحرير ، و حرائر الشريفات الطرازات القصريات و المعلمين بين محلات سي محمد الشريف ، و العياشي ، و عبد السلام الى حيت المعلم الروابزي و صنعة السليكو( غربال الدقيق او الزرع ) و الرابوز وصولا للقزدارين ووصلات الحلوى القزديرية الصنع و النقايرية و أحاديث الأصلي و المرشوش ، كانت تستهوينا هذه الطريق لنتوغل أكثر في متاهات الازقة الجانبية المقابلة لدرب جناح و شاوش ثم العودة سريعا الى زقاق الديوان الطويل كلما توجسنا خيفة او تحسبا لطارئ . كنا نمر وبخاطرنا حكايا البطولات الليلية التي كنا نستمع اليها من شباب حديقة السويقة . وكنا نرسم ايضا ملامح و شخصيات و نتخيل الفضاءات و الاحداث و نتائج الملامح أيضا .المرور من تحت صابة الفران المفضي لساحة درب كناوة ثم المنصور وتجلي الضوء بعد ظلمة الأزقة وبرودتها كانت انتصارا نفسيا . و فرصة للحديت عن هدف رحلتنا الطويلة غير الإكتشاف و الكشف . من أحياء الشريعة إلى هنا عدوة باب الواد .
المسار الآن باتجاه زقاق آخر مقابل لسينما المنصور ومنتهاه دار الدباغ . حيت أسطول طويل من الدراجات الهوائية ذات الألوان الموحدة ، زرقاء و حمراء . تحمل أرقاما بيضاء فوق جناح عجلاتها . ذات فرامل واحدة يدوية أو برجل عصية ،دكان باعبد القادر مستطيل طويل به دراجات هوائية ذات صباغة جيدة معلقة بمسامير طويلة على الجدران ، بباب المحل سطل كبيرة بها ماء و أدوات تصليح العجلات باستعمال السيليسيون و البارتشي . شرط كراء الدراجة يتطلب زبون ثقة معروف له ليقوم بتزكيتك عند با عبد القادر .
أول سؤال له .
– واش كتعرف البيكالا ؟
– سبق لك ركبتي ؟
مهما كان الجواب بعد التزكية . يقابله رد با عبد القادر ب
– أرا 3 دراهم ، وطلع للشارع قبالتي .
كنا نجر الدراجة بزهو و بطولة . لنتبادل الركوب عليها لمدة 3 دراهم كاملة . وبتحمل كبير لخوف المسار الطويل ، و ألم الجروح الذميل .كانت ساحة المنصور شبيهة بحلبة سباق لا تهدأ من صراخ المبتدئين . وعند كل صرخة متعلم . يقف با عبد القادر شاهرا حكمته البليغة ” اسمع أولدي اترك لعابك على الأرض واعقل عليه . من اليوم و الله لا طحتي ”
هنا كان السقوط بداية التفوق و القيادة السليمة .
هنا علمنا المعلم البسيط الحكيم أن ” الجرح و الألم مفتاح تخطي خوف المسار دون نزغ ليمين او يسار ” .