ذ . عبد المالك العسري
…ادعوكم لمتابعة هذه السلسلة ،نص أدبي “للدكتور عثمان المنصوري “والدخول إلى أغواره وكشف معاني الجمال وموضع الإبداع فيه ، قصة تنشر لأول مرة عبر حلقات
” “البيتو ”
د :عثمان المنصوري – الحلقة 9
ملاحظة: كل تشابه بين شخصيات هذه القصة وأحداثها مع شخصيات وأحداث واقعية هو تشابه مقصود
عاد الشريف وأنصاره إلى مدينة القصر الكبير عودة المنتصرين الظافرين، وتلقى التهاني من الجميع، وخطا خطوة نحو النصر النهائي، بحيث لم يعد يفصله عن الانتصار إلا يوم واحد. بينما سادت حالة من الاستياء سكان العرائش. وصلتنا بعض الأصداء عن ردود فعل السكان، فمنهم من اعتبر انهزام العرائشيين في عقر دارهم إهانة، وكأنما هي مباراة في كرة القدم، ومنهم من أشاع أن الشريف كان يتمتم بأدعية عند القيام بأي حركة، ومنهم من ادعى أنه يضع تحت صدره حرزا حصينا، وهناك من أوصى بإطلاق البخور في منزل الروبيو لتطهيره من العين، وتوزيع الصدقات على بعض مساكين المدينة، وبعث بعضهم بالشمع إلى ضريح للا منانة التماسا لبركتها، وكذلك فعل البعض في القصر، حيث ألحوا على الشريف أن يذهب في اليوم التالي وهو يوم استراحة لزيارة ضريح الولي الصالح مولاي علي بوغالب. كما تقاطرت الهدايا على اللاعبين من أعيان المدينة وتجارها.
بعد يوم الاستراحة جاء الدور على مدينة القصر الكبير لاستقبال اليوم الثاني من المسابقة التي حظيت باهتمام إعلامين بدأ يتزايد مع مرور الوقت، واقتراب الأدوار الحاسمة. ولم يقتصر الأمر على الجرائد الوطنية والإسبانية، بل تعداه إلى وسائل الإعلام السمعي البصري، حيث بعثت التلفزة المغربية فريقا لإنجاز تقرير عن الموضوع، وكذلك فعلت الإذاعة الوطنية بالرباط، وخصصت إذاعة طنجة جزءا كبيرا من سهرتها الليلية للموضوع، خلال بثها الذي يبدأ بعد منتصف الليل، وأجرت حوارات مباشرة مع اللاعبين وبعض المنظمين وجمهور من المستمعين.
تحت هذا الضغط الإعلامي والاهتمام المتزايد من الجميع، ذهبنا إلى القصر الكبير للإشراف على مباريات اليوم الثاني من المسابقة الذي يمكن أن يسفر عن الفوز النهائي لممثل القصر الكبير، وحج معنا جمهور غفير من سكان المدينة.
كانت مدينة القصر الكبير قد استعدت استعدادا جيدا لهذه المناسبة، فالشارع الرئيسي كان مزدانا بالرايات واللافتات، وعبارات الترحيب. وكان زملاؤنا القصريون في اللجنة المنظمة في استقبالنا مع نخبة من أعيان المدينة وجمهور غفير من ساكنة المدينة، ونغمات الغيطة ودقات الطبل التي كانت تؤثث المشهد الاحتفالي وترافقه إلى نهاية اللقاء. كان كل شيء جاهزا في النادي الذي سيحتضن المباريات، وقد رصت كراسي المتفرجين بعناية ونظام، وخصص جانب للضيوف وآخر لأهل المدينة، واتبعت نفس الترتيبات التي اتخذت في مدينة العرائش، مع إقبال كبير استدعى تدخل قوات حفظ الأمن، وعلقت الرقعة على حائط النادي لتمكين الموجودين خارجا من متابعة المباريات مباشرة.