حميد الجوهري :
من الخطباء الذين أرتاح لحضور خطبهم، الأستاذ الإمام الخطيب محمد بنكيران، خطيب المسجد الكبير المحادي للمحكمة الابتدائية بالقصر الكبير، ذلك لأن خطبه ذات نفس فكري أكاديمي، يأسرك أثناء الخطبة و بعدها ..
خطبة الجمعة التي مضت، استحضر فيها ذكرى الإسراء و المعراج، هذه الذكرى التي يريد البعض إبعادها عن دائرة الإيمان بالغيب، بالتماس مسالك الخلاف حول موضوع: هل كان الإسراء روحا و جسدا أم روحا فقط؟!!
خطيب الجمعة ذهب لمناقشة دلالات الحدث، المثبت بالنص القرآني القطعي:
“سبحان الذي أسرى بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى”
الدلالة الأولى: سبحان الله
و هي دلالة على عظمة الله و جلاله، و تنزيهه عن التشبيه و غير ذلك من المفاهيم، و هي دلالة على عظم الحدث المعجز، و هو يميل بذلك بإيمانه ناحية التصديق بهذا الغيب، حيث اعتبر أن الإيمان بالله و بوقوع هذا الحدث، هو جزء من الإيمان بالغيب..
وفي هذا السياق، استحضر الخطيب قصة أبي بكر الصديق مع الحدث، عندما خرج إليه صناديد قريش المكذبين، يقولون له: هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أُسري به الليلة إلى بيت المقدس؟ قال: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم قال: لئن قال ذلك لقد صدق، قالوا: أو تصدقه أنَّه ذهب الليلة إلى بيت المقدس، وجاء قبل أن يصبح؟ فقال: نعم، إني لأصدقه ما هو أبعد من ذلك، أصدقه في خبر السماء في غدوه أو رواحه…
و قد أعجبني الخطيب في حديثه عن وسيلة النقل التي ذكرت في حادث المعراج، و هي البراق، حيث اعتبر أنها لا تشبه بالتأكيد لأي وسيلة تتبادر للأذهان، لكنها بالتأكيد تنتمي لسنن الله في هذا الكون، و التي أدركنا بعضها في هذا العصر..، كان كل ذلك في وقت قصير معجز
الدلالة الثانية: مقام العبودية
تطرق الخطيب لدلالة ذكر الله عز و جل “بعبده” بدل إسم رسول الله أو صفة من صفاته، ليؤكد أن المقام الأعلى عند الله هو مقام العبودية، و هو الهدف من الخلق كما هو معلوم، و هو دلالة على مدى قرب رسول الله عليه الصلاة و السلام، و دليل ذلك، إمامته للأنبياء، ثم معراجه إلى السماء السابع حتى كان قاب قوسين أو أدنى..
الدلالة الثالثة: ذكرى الإسراء و المعراج ذكرى هوياتية:
أفحمني الإمام بدلالة استحضار الذكريات الدينية، حينما تحدث عن أن جميع الأمم تفتخر بذكرياتها، و تستحضر من خلال ذلك هويتها، و نحن أولى بذلك، و لا ينبغي الاكتفاء بالحديث عن أن هذه الحادثة نتلوها قرآنا كل حين، بل علينا أن نفتخر بحلول زمنها، كحدث عظيم فارق بين الإيمان و ضده..!