ذ . ادريس حيدر :
أصبحت حياة المعتقلين السياسيين في السجن بعد إضرابهم عن الطعام ، مغايرة و مخالفة لتلك التي سبقت ذاك الحدث الاستثنائي .
و سمحت إدارة السجن بدخول الكتب ، الجرائد و بعض الراديوهات الصغيرة ( Transistors) و بالتالي و جد المعتقلون ضالتهم فيها ، حيث كانوا يقضون الوقت في القراءة و المطالعة لأمهات الروايات العالمية و المؤلفات الفكرية .
و تولى احد المعتقلين – و كان بالمناسبة أستاذا لمادة الرياضة بإحدى الثانويات – تنظيم المعتقلين و تنظيمهم و تلقينهم حصصا رياضية و تحريضهم عليها .
كان يصيح في ساحة السجن :
” هيا ، هيا ، اجروا تصحوا ، تمارينكم قد تقيكم من الرطوبة و البرودة و آثارهما على اجسادكم النحيفة و الصغيرة .”
ثم لضبط إيقاع الحركات التي كان يأمر بها ، كان يتعمد رفع صوته الذي كان يتردد صداه في جنبات المعتقل:
” un , deux et trois ! …”
ثم يكررها مرات عديدة .
كانت حصة الاستحمام تًلِي دائما تلك التمارين الرياضية ، و بالتالي كان أغلب المعتقلين الذين كانوا يمارسون الرياضة ، يشعرون بانتعاشة أجسادهم و بالمتعة و الإطمئنان و بعض النشوة .
كما أن وجبات الأكل التي كانوا يتناولونها ، كانت في الغالب باردة و تحدث ألما في بطون و أمعاء البعض منهم و بالتالي سُمِح لممثلي المعتقلين بتسخينها في مطبخ السجن و توزيعها على المعتقلين من جديد .
ارتفع إذن ، لدى كافة المعتقلين منسوب الثقة في النفس و الإصرار على مواصلة النضال ، بعد معركتهم الضارية بإضرابهم عن الطعام .
و نتيجة ذلك كانوا يرفعون الشعارات بين الفينة و الأخرى و يرددون الأناشيد الحماسية و الملتزمة و يعيدون التغني بمطلع قصيدة الشابي :
إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر
و لا بد للليل أن ينجلي
ولا بد للقيد أن ينكسر
يتبع…