يوميات معتقل سابق (15) ما بعد الإضراب عن الطعام.

18 فبراير 2023

ذ . ادريس حيدر : 

أصبحت حياة المعتقلين السياسيين في السجن بعد إضرابهم عن الطعام ، مغايرة و مخالفة لتلك التي سبقت ذاك الحدث الاستثنائي .
و سمحت إدارة السجن بدخول الكتب ، الجرائد و بعض الراديوهات الصغيرة ( Transistors) و بالتالي و جد المعتقلون ضالتهم فيها ، حيث كانوا يقضون الوقت في القراءة و المطالعة لأمهات الروايات العالمية و المؤلفات الفكرية .
و تولى احد المعتقلين – و كان بالمناسبة أستاذا لمادة الرياضة بإحدى الثانويات – تنظيم المعتقلين و تنظيمهم و تلقينهم حصصا رياضية و تحريضهم عليها .
كان يصيح في ساحة السجن :
” هيا ، هيا ، اجروا تصحوا ، تمارينكم قد تقيكم من الرطوبة و البرودة و آثارهما على اجسادكم النحيفة و الصغيرة .”
ثم لضبط إيقاع الحركات التي كان يأمر بها ، كان يتعمد رفع صوته الذي كان يتردد صداه في جنبات المعتقل:
” un , deux et trois ! …”
ثم يكررها مرات عديدة .
كانت حصة الاستحمام تًلِي دائما تلك التمارين الرياضية ، و بالتالي كان أغلب المعتقلين الذين كانوا يمارسون الرياضة ، يشعرون بانتعاشة أجسادهم و بالمتعة و الإطمئنان و بعض النشوة .
كما أن وجبات الأكل التي كانوا يتناولونها ، كانت في الغالب باردة و تحدث ألما في بطون و أمعاء البعض منهم و بالتالي سُمِح لممثلي المعتقلين بتسخينها في مطبخ السجن و توزيعها على المعتقلين من جديد .
ارتفع إذن ، لدى كافة المعتقلين منسوب الثقة في النفس و الإصرار على مواصلة النضال ، بعد معركتهم الضارية بإضرابهم عن الطعام .
و نتيجة ذلك كانوا يرفعون الشعارات بين الفينة و الأخرى و يرددون الأناشيد الحماسية و الملتزمة و يعيدون التغني بمطلع قصيدة الشابي :
إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر
و لا بد للليل أن ينجلي
ولا بد للقيد أن ينكسر

يتبع…

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading