الأكاديميون وعموم الناس..

25 يناير 2023

د . سعيد الحاجي

يعتبر بعض الباحثين أن الإكثار من المشاركات في الندوات أو الانشطة العلمية التي تستهدف عموم الناس من غير المتخصصين في الحقول المعرفية التي يشتغلون فيها، سيؤدي إلى نوع من التمييع الذي قد يطال صورتهم والمعرفة التي يقدمونها..
هذه الفئة من الباحثين تفضل أن يقتصر ظهورها على الأنشطة العلمية المتخصصة أو التي تنظمها جهات أكاديمية، حفاظا على ما يعتبرونه نوعا من “الهيبة” العلمية التي يجب أن ترتبط بصورتهم. والحال، أن الحقول التي يشتغلون فيها (العلوم الإنسانية والاجتماعية على وجه الخصوص) هي حقول كل قضاياها مرتبطة بالمجتمع وفئاته المختلفة أو بالعلاقة التفاعلية التي تربط المجتمع بالسياسة أو الاقتصاد أو غيرها من المجالات الأخرى…
هذه المباحث، وطالما أنها نابعة من المجتمع، فإنها تفرض على الأكاديمي أن يكون مبادرا إلى المساهمة بما يتوفر عليه من رصيد معرفي في تنوير عموم الناس عبر تبسيط اللغة وانتقاء الأفكار الملائمة لمستوى إدراكهم. هناك مسألة أخرى أكثر أهمية، ففي الوقت الذي يعتقد الأكاديمي أن أفكاره لن تجد ذلك الصدى في الأنشطة المفتوحة لعموم الناس، يمكن أن تفتح أسئلة المتدخلين من هؤلاء أحيانا وعلى بساطتها، مجالات بحثية كثيرة أمام الاكاديمي الذي قد يغفل عنها أو لا يوجد مجال لالتقاطها في ظل الاحتكاك المستمر بما هو أكاديمي محض.
مشاركة الافكار وتقاسمها مع عموم الناس لا تحول دون المشاركات العلمية المتخصصة أو إنتاج دراسات بمواصفات أكاديمية، بل هو واجب يقع على عاتق الاكاديمي من جهة، وضرورة من جهة أخرى لمواكبة ما يتطور لدى العامة من تمثلات وأفكار قد تصل إلى درجة نسف ما قد يعتقده بعض الاكاديميين فتوحات علمية في مجال تخصصاتهم.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading