أسامة الجباري :
عندما اتذكر الشهور الاخيرة قبيل أن أحال على التقاعد من الوظيفة في الوكالة المستقلة للماء والكهرباء ينتابوني الضحك والاستغراب ! دعوني اعترف امامكم اليوم انني في الشهور الاخيرة قبل ان اتقاعد كنت اشعر حقيقة بالخوف من الايام القادمة ! كيف سوف أتدبر هذا الحيز الكبير من الوقت ؟ كيف سوف اقنع نفسي اني صرت بدون التزامات وبدون مواعيد وبدون اجندة ؟ الواقع اني كنت اخشى من هذا الوقت الضائع من العمر !
الآن بعد هذه الاعوام صرت مقتنعا تماما اني كنت مغفلا وخاطئا ، من قال ان التقاعد هو الوقت الضائع ؟ بل هو زهرة العمر .
يجب ان نصحح بعض مفاهيمنا الخاطئة في ثقافتنا المشرقية وتكون لنا الشجاعة أن نعترف اننا مقصرون ويجب ان نصحح هذا الاجرام الذي نمارسه في حق انفسنا حينما نعتبر ان مرحلة التقاعد هو زمن ضائع ويجب ان نتوارى ونتقوقع على انفسنا ننتظر نهاية الرحلة …
الحياة لا تعترف بالوقت الميت او الضائع بل كل مرحلة من العمر لها حلوها وجاذبيتها وبريقها، مرحلة التقاعد هي الابهى فقط يجب ان تستغلها في ما تستفيد به في نفسك فكريا وروحيا وتمنح اهلك واسرتك مزيدا من الاهتمام والوقت ، أجمل ما في هذه المرحلة انها تقربك الى الله أكثر ، أشعر بالطمأنينة وأنام مرتاح القلب والنفس والضمير راضيا عن مسيرتي في سلك الوظيفة العمومية فتلك والله سعادة لا يعلم حلاوتها إلا من عاش خلال سنوات العمل قنوعا نظيف اليد والقلب والسريرة
اعتقد ان المجتمع المدني هو المكان الانسب للمتقاعد حيث يسخر تجرته الطويلة التي اكتسبها في الوظيفة من اجل نجاح اي نشاط او مبادرة تستهدف المجتمع الذي هو في حاجة ماسة للمتقاعد لبلورة مجتمع مدني سليم.
مضت الايام بسرعة مذهلة وها انا اليوم ألج السنة الثالثة على تقاعدي ولم يعد لدي ادنى شك انه في العمر لا مجال لوقت ضائع، المرء يصير بالعمل أقوى وانفع وأفيد
اسامة الجباري