يوميات معتقل سابق ( 08) عبد السلام ياسين في السجن .

30 ديسمبر 2022

ذ : إدريس حيدر

اكتشفنا نحن معتقلي اليسار ذات يوم و بالصدفة ، أن في زنزانتنا كان يتواجد معتقلان لا نعرفهما ، و تبين فيما بعد أنهما كانا ينتميان إلى تنظيم ” العدل و الإحسان” .
و على ذاك الأساس اقترحت عليهما ” لجنة الحوار ” الالتحاق بقائدهما السيد ” عبد السلام ياسين ” و الذي كان معتقلا هو الآخر في سجن ” لعلو ” سيء الذكر . بتهم باطلة و ظالمة و مجانبة للصواب ، و الحقيقة هي أنه اعتقل لكونه كان معارضا شرسا للنظام.
فبعد أن بعث رسالة لملك البلاد كان عنوانها :” الإسلام أو الطوفان ” ، رُمِي في مستشفى الأمراض العقلية و الحال أن الرجل كان سليم العقل و البدن .
و يقينا أن تخطيط الحاكمين كان يهدف إلى أن يصاب فعلا باختلال عقلي.
إلا أن هذا النوع من التعذيب النفسي و الجسدي لم ينل منه و من عزمه و نضاليته ،فتم الزج به في أتون السجن لردعه ليتوقف على اتخاذ مواقف مناهضة للنظام .
رفض المريدان العيش مع شيخهما في زنزانة واحدة ،بدعوى أنه يقضي جل وقته في مناجاة الله و العبادة و الكتابة و بالتالي لا يليق بهما إزعاجه ، فما كان من ” لجنة الحوار ” إلا أن طالبت إدارة السجن بتمكينهما من زنزانة خاصة بهما .
و بالفعل كانت استجابتها فورية .
و بالمناسبة ففي فترات الاستراحة في ساحة السجن ،كان السيد ” عبد السلام ياسين ” يهرول برفقة مناضلي اليسار و يتجاذب معهم أطراف الحديث ، الذي يكون في الغالب سياسيا.
كما أنه كان يشترط على إدارة السجن أن يستحم معهم ،و بالتالي كان يقضي معهم فترات ممتعة ،يرفه فيها عن النفس بقفاشاته ،ذلك أنه كان رجلا ذو روح مرحة و طيبة .
و كان أصدقاء له و في مثل عمره من الصف اليساري ،يساعدونه عند الاستحمام و ذلك بتنظيف الأطراف البعيدة من جسده أو التي يصعب عليه الوصول إليها.
و من أهم المحطات التي عايشتها و كنت شاهدا عليها و نحن جميعا في نفس السجن ،هو أنه كان يوقع بيانات المعتقلين السياسيين المعتقلين اليساريين و التي كانت تطالب بالحرية و وضع حد للاستبداد و النضال من أجل تحقيق الديمقراطية .
لم يكن زعيم تنظيم ” العدل و الإحسان ” ،يتحفظ عن أية كلمة أو جملة ، و بذلك كان يمرر خطابا لمن يهمه الأمر مفاده ، أن الشأن الوطني موضوع يهم كل الفرقاء السياسيون ، و لا محاسبة و مزايدة بشأنه.
و في الآن كانت تصلنا و نحن في السجن أصداء عن محاكمته ،حيث كان مقنعا ،منطقيا، شجاعا و شامخا.

يتبع…

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading