يكفي من رفسات وضربات ..

16 ديسمبر 2022

محمد التطواني المهجري

كان عبد الله يسكن في احدى الأحياء العتيقة بِدْيور سَنْييكْ بالقنيطرة ،معروف عند الساكنة بالأليث بحكم أنه كان أحد المقاومين ضد الاستعمار .
يقضي يومه يبيع الدِّفْلَى مُرّة المذاق ، دائما تراه يشتكي بألم في نواجذه اليسرى ، فيحتسي قطرات ماء الورد ، حسب اعتقاده أنه يحد من ألمه .
اتخذ من مرفأ شاطئ مهدية محل بيع دفلته
أحيانا يتعرض لمضايقات من مسؤولين في المخزن ، فيضطر العودة الى بيته مشياً لساعات على قدميه ، صحبة جَرْوٍ، أهملته كلبة ضالة ، لعله يدخل السرور على ابنه أحمد ، وهو في عامه السادس .
قبل وفاة والدته عائشة ، أوصت والده عبد الله خيرا بابنها ، مما دفع عبد الله يكتفي ببيع الدفلى قريب من سكناه .
لم يكن أحد من جيرانه يطلع على ما يفعله خُفية .
بعد نوم ابنه أحمد ، والكل نيام .
ذات يوم .. قبل صياح الفراريج ، تعكَّزَ على عكازه ، وتسلل الى سدة البيت بجوار المطبخ ، فتح قطعة إهابٍ وأخذ قطعاً من الجوارب والأقمشة التي يجمعها من حاويات القمامة ، ثم مضى كعادته يغلِق ثقبا تتسرب منها رائحة الصرف الصحي ، وما ترميه الكِرش من زِبْلٍ .
تدارك عبد الله ، على أن اختفاء الجوارب ، كلما عاد الى البيت من المضحكات .
قطّب وجهه وهو يقلب كفيه ، نادى على ابنه احمد ، انتصب أحمد واقفا بغتة ، وعلامة الإكتراب على وجه والده ، وتيقن أحمد من شدة الخوف ، أن هذه المرة لن يفلت من رعود .
أخبرني !! كيف طوعت لك نفسك ، ولم تبوح عن سبب إتلاف الجوارب ، أو كيف يتم سرقتها من ثقب بيتنا ؟
لم يجد أحمد ذريعة يتكل عليها ، تقدم خطوات منحني الظهريقفقف من برودة المكان وسُخونة والده .
لامس أصبع والده ، وحذلق في كلامه ، ليعتذر عن أفعاله بعد أن انزلقت عيناه لملامح أبيه قائلا :
تصدقت بها خُلسة الى مهووس بكرة القدم من حينا ، ليصنع لنا نحن أطفال الحي الهُمل ، كرة من الجوارب، لنلعب بها في هذا الزقاق المهجور ، وننسى فيه عمرنا .
رد عليه والده :الى هذا الحد ؟؟.
كيف وأطفال حينا أغلبيتهم من العُرج والعُمي والحُدْب ؟؟ .
فهم أحمد أن والده يتملغ معه.
فرد قائلا : العرج والعمي والحدب ، في مقدرتهم صنع ما صنعوه أسود الأطلس !!بالرغم عدم ملاعب تحضننا كأطفال منا الهمل ومنا اليتامى ومنا ما هو فقير تحت الصفر.
وكما تعودنا ، أغلب هواة كرة القدم والمارطون غالبيتهم ينحدرون من أسر هشة ومهمشة،
يكفي من رفسات وضربات الطبقات الاستقراطية على حساب الفقراء ، التي تستغل مساحات أراضينا لتشييد ملاعب الكلف ، وكرة المضرب التي لا تقدر الاسر الميسورة اللجوء اليها لغلاء سعر عضويتها .
يكفينا نحن الفقراء نلعب بجواربنا بين الأدغال وزِقانِ حينا ، لأن أحذيتنا من ( نوع مارْكاَ ) اسمها( بعد عسر يسر .)
القاص

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading