قراءة على هامش احتجاجات جيل “زد” « Z »

7 أكتوبر 2025
Oplus_131072

_ بقلم : ذ. ادريس حيدر

لقد تتبع الرأي العام المغربي ، بكثير من الإعجاب و الانبهار و العطف ، نزول آلاف الشباب ، إلى شوارع جل المدن المغربية ، رافعين شعارات تتعلق بإصلاح التعليم و الصحة و إقرار عدالة اجتماعية .
هذه الاحتجاجات جاءت بتسمية غير مسبوقة و غير عادية : Gen Z. 212.
و هي مولود تأسس و تكون من خلال مناقشات هؤلاء الشباب عبر العالم الافتراضي .
فما هو إذن جيل ” زد” « Z »؟
انطلقت حركة جيل “زد” « Z » على خلفية تنظيم مجموعة من المسيرات بمناطق قروية بالمغرب مثل : آيت بوكماز ، و آيت عباس و أوربيع قرب بني ملال و بني عروس ، طالبت برفع العزلة و تحسين الخدمات ، خاصة الصحة ، إضافة إلى الاحتجاجات التي شهدها مستشفى الحسن الثاني بمدينة أكادير في ؛14~سبتمبر ، إثر وفاة ثمانية نساء أثناء الولادة ، و الذي لقبته الساكنة ب” مستشفى الموت”.
و من المعلوم أن عدة دول شهدت في السنوات الأخيرة حركات احتجاجية شبابية تقودها فئة من جيل ” زد” ، مثل : مدغشقر ، نيبال، إندونيسيا، و البيرو
و تعتمد هذه الحركات في نقاشاتها على العالم الرقمي ، في التنظيم و التعبئة ، و تتشابه في مطالبها المتمثلة في تحسين الخدمات الأساسية كالصحة و التعليم و تحقيق العدالة الاجتماعية.
و في المغرب برزت حركة جيل “زد” 212، كجزء من هذا المد العالمي ، و انتقلت من النشاط عبر المنصات الرقمية إلى التظاهر في الشارع .

المقاربة الأمنية :

لقد لجأت الدولة في معالجة هذه الوضعية على المقاربة الأمنية ، فنزلت قوات الأمن إلى الشوارع و حاولت منع وقفات الشباب الذين لبووا نداء مجموعة”جيل زد” ، و نفذت اعتقالات واسعة في صفوفهم ، و قد وُصِفَت هذه العملية من طرف المراقبين ب” المقاربة الأمنية العنيفة و التعسفية ” .
و على ضوء ذلك ، قد يُطرح السؤال التالي :
هل قرار التعامل الأمني مع الاحتجاجات يفيد عدم فهم طبيعة الاحتجاجات ؟
و هل هي محاولة استباقية لتجنب التجاوزات أو الشغب ؟
أم غياب الجواب عن هذه الاحتجاجات ؟
لأن الرد كما هو معلوم يجب أن يكون سياسيا . أي إجابة من طرف الدولة ، و بالتالي فتقديم و اللجوء إلى المقاربة الأمنية ، كان خطأ فادحا ، و ربما زاد في تأجيج الاحتجاجات ، و زاد من التعاطف الشعبي مع الحركة .

مطالب رفعتها أجيال سابقة

إن الحراك القوي الذي تشهده الشوارع المغربية و الذي دعت له حركة جيل “زد” ، عاشه المغرب عبر أجيال مختلفة و بمسميات و سياقات مغايرة وهي كالتالي
– جيل ما بعد الاستقلال مباشرة ، و قد نُعِت بجيل الأحلام .
-جيل الإحباط و هو الذي اصطدم بقوة الواقع و عنفه و الذي سُمِي ب” جيل الأحباط ” ، و كان قد قدم شهداء في انتفاضة الدار البيضاء في :23|03| 1965
– – جيل اليسار الذي أدى ضرائب كبيرة من حريته خلال الحقبة التي اصطلح – عليها ب” سنوات الجمر و الرصاص ”
– جيل حركة 20 فبراير ، التي كانت سببا مباشرا في مراجعة الدستور .
– حركة ” حراك الريف” ، و التي رفع فيها شباب المنطقة نفس المطالب و الشعارات .
إنها صيرورة نضالية حتمية تفيد أن هذا الوطن ولود و لا تنطفئ فيه جذوة النضال .

الغضب الشعبي :

إنه ظاهرة متجددة في المجتمعات الحديثة ، خصوصا عندما يتراكم الخلل في توزيع الموارد و في الأداءات الحكومية و عدم قدرتها على ترسيخ الثقة بين المواطن و المؤسسات .
و في المغرب ، لهذه الظاهرة خصائص متميزة تتعلق بالتركيبة الاجتماعية في مستوياتها الطبقية و الفكرية المتعددة ، و بالنظام السياسي ، و كذلك في العلاقة بين الدولة و المجتمع .
و الغضب الشعبي ، كان دائما في تاريخ الفكر الإنساني ، أسلوبا ثوريا جماعيا ، عبر عنه الفكر الثوري بكونه تشبيكا للحلول الجماعية من أجل تغيير جذري لمواجهة الظلم و الاضطهاد و التمييز و العبودية ، من خلال التنظيم في حركات اجتماعية ، هدفها تغيير النظام الاجتماعي و السياسي و تحرير المجتمع من قيود التسلط عبر التمرد و المواجهة (1).
إن الغضب الشعبي فضلا عن ما سبق ، واع بأزمة التمثيل السياسي و الثقة ، و يعتبر أن ضعف الأحزاب السياسية كنظام وساطة و تأطير مدني و سياسي بين الدولة و المجتمع ، لم يعد قادرا على أداء هذه الأدوار ، بل يرى أن الوسيط مجرد شرذمة انتهازية ، تتوخى الانخراط في كوكبة زبناء و سماسرة النظام النيوليبرالي الافتراسي .
و من تم فإن هذه الحركة تأخذ الحيطة و الحذر و عدم الثقة في الطبقة السياسية التي تطمح إلى الركوب عليها و جني فوائد أغلَبُهَا ريعي .

المساءلة:

خاطئ من يتوهم أن الخطاب الموجه إلى الحكومة الحالية أو الممارسة ، يمكن أن يُنْتِجَ أثره .
ففضلا عن كون هذه الإشكالات متراكمة منذ ما يزيد عن 60 سنة ، و لم تسطع الحكومات السابقة و المتعاقبة حلها ، فإن الحكومة الحالية هي الأخرى ، فاقدة لسلطة القرار السياسي .
و المؤهل لتحمل هذه المسؤولية و المخاطب الأساسي يجب أن يكون نظام الدولة بكل رموزها .
و أعتقد أنه آن الأوان لتفعيل المبدإ الدستوري السامي : ” ربط المسؤولية بالمحاسبة”.
فلا يُعقل أن تكون السلطات العليا هي التي تضع و ترسم سياسة الدولة ، باعتراف كل الحكومات المتعاقبة و الوزراء الذين تداولوا على المسؤولبة منذ استقلال البلاد ، و الذين يؤكدون أنهم إنما ينفذون و ينزلون سياسة نظام البلاد ، و لا تخضع هذه الجهةً لأية محاسبة أو مساءلة ، بل و يتعامل مع ذوي القرار بكثير من القداسة الغير المبررة

(1) رحيم الطاهري .

 

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading