رأي : إنصاف الواقع ليس ولاءً، ونقدُه لا يلغي الاعتراف

8 يونيو 2025

– بقلم : ياسين الوزاني
بعيدًا عن الخلاف الإيديولوجي، الذي قد يكون أحاديّ الجانب تجاه رئيس المجلس البلدي وأغلبيته، ورغم كثرة النقاشات التي تجمعنا كأصدقاء من مشارب فكرية متباينة، فإننا نتفق، في الجملة، على أن الشأن السياسي لا يليق إلا بخيرة النخب، أولئك الذين نبتوا في الهامش، وعاشوا مع عامة الناس، وذاقوا مرارة الانتظار، من أجل غدٍ أكثر عدلًا وإنصافًا.

وفي زحمة هذا اللغط المستمر، واختلافنا حول شخصية رئيس الجماعة، يبقى الفعل هو المعيار، ويبقى الواقع هو الحكم؛ ذلك أن الميدان يمنح الرجل مكانته، لا كزعيمٍ خطاب، بل كنائب خدمات بامتياز، ورجل تواصل .
رجلٌ يحسن الاستماع، ويتقن الاستيعاب، حتى لمن يختلف معه أو يسخر منه، وقد جعل من القرب من الناس عُرفًا يوميًّا لا مناسبة استثنائية.

لقد حقق إنجازات كثيرة، نختلف في طريقة إخراجها وتقديمها، وربما لا تروق لنا لغتها أو شكلها، لكنها – بميزان الكمّ والنوع – تظل من بين الأبرز في تاريخ المدينة.
وقد يبدو كلامي هذا، في نظر البعض، تطبيلًا أو تملقًا، لكن من يعرفني يعلم أنني أكتبه على مضض، بدافع الاعتراف بواقعٍ لا يمكن إنكاره.

نحن جيلٌ لم يرَ العشب الأخضر إلا في التلفاز، وكانت أضواء الشارع تنطفئ بعد صلاة العشاء، وسبحنا في مياه الفيضانات، ولعبنا في وحل الشوارع المتهالكة، نحمل فوق أكتافنا طفولة منسية، وذكريات من صفيحٍ وركام.

أما اليوم، فإننا نشهد، على مضض ودهشة، وصول التبليط إلى أبعد النقاط في المدينة.
نعم، ليس كل شيء على ما يُرام، والفساد – كعادة كل الأنظمة – يتسلل من النوايا قبل المؤسسات، لكنه ليس سببًا كافيًا لإنكار تحسنٍ ملموس في الحياة اليومية للمواطن البسيط، إذا ما قورن الحال بحال مدنٍ أخرى تُشبهنا.

نطمح إلى الأفضل، ولا نرضى بالقليل، لكننا لا نكابر في وجه المنجز حين يكون حاضرًا. فالجاحد وحده من ينكر شمسًا في كبد السماء.
والقضاء، في نهاية المطاف، يقول كلمته.

وسواء اتفقنا أو اختلفنا، فإن “سيمو” – بحكم الواقع – رقمٌ صعب، لا بسبب عمق مشروعه الفكري، بل لأنه يتقن حرفة الانتخابات، ويمنح للدكاكين السياسية وزنًا لم تكن لتحصل عليه بدونه.
ففي مشهد لم نغادر فيه منطق الأعيان، ما زال المال والجاه هما الحَكم في معارك الاقتراع، وما تزال الأحزاب مجرد لافتات تتغير أسماؤها، بينما يبقى الجوهر على حاله.

إنصاف الواقع ليس ولاءً، ونقدُه لا يلغي الاعتراف

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading