أفكر بصوت عال /” خاوة ، خاوة …و بلا عداوة..”

6 فبراير 2023

ذ : إدريس حيدر

لعل الجميع يتفق معي على أن العلاقات المغربية / الجزائرية ، تمر بأزمة كبرى غير مسبوقة و تهدد بوقوع انفجار للوضع مع تداعياته الخطيرة على شعبي البلدين الشقيقين.
إن المغرب و الجزائر بلدان تجمعها كثير من الحقائق و المعطيات و الثوابت منها :
* وحدة الدين و العقيدة و المذهب المالكي .
* ساكنتهما: عرب و أمازيغ.
* لغتهما: العربية و الأمازيغية.
* ماضيهما مشترك .
* الجوار
* تجمعهما روابط الدم ( العائلات، الزواج…الخ ) .
إن ذاكرة المنطقة تحفظ للبلدين انصهارهما في معارك وطنية مشتركة و ذلك من خلال التضامن و التآزر و الوحدة .
و لازالت بعض ملاحم الشعبين شاهدة على حقب من تاريخهما المشترك ، سجلها لهما التاريخ بمداد من الفخر ، و منها :
– دعم المقاومة الجزائرية لأختها المغربية بتاريخ : 20|08|1955بمناسبة الذكرى الثانية لنفي ملك البلاد : ” محمد الخامس ” ، و كانت قد تزامنت مع الهجومات بنفس التاريخ في الشمال القسنطيني بقيادة :” زيغود يوسف “.
– اعتبار المغرب العمق الاستراتيجي للثورة الجزائرية، حيث عاش كثير من المجاهدين الجزائريين في المغرب ، إما بغاية التدريب العسكري أو من أجل اللجوء السياسي ، و قد أصبح البعض منهم بعد استقلال الجزائر قادة لهذه الأخيرة.
– تضامن الشعب المغربي بكل مكوناته ( شعبا و قيادة ) مع الثورة الجزائرية و دعمها بالمال و السلاح ، كما انخرط مئات من المغاربة في العمل المسلح ضمن صفوف المجاهدين الجزائريين و منهم من استشهد .
– اعتبار المغاربة ( قيادة و شعبا ) القضية الجزائرية، قضية وطنية ، لا يمكن التخلي عنها أو المساومة بها ( الخطاب الشهير للملك ” محمد الخامس ” في مقر الأمم المتحدة حول القضية الجزائرية “).
– تصميم القوى السياسية المغربية و الجزائرية و التونسية على وحدة المغرب العربي مؤتمر طنجة 1958.
إلا أنه و بعد حصول البلدين على اسقلالهما و اختيارهما لأنماط حكمهما و لتوجهاتهما السياسية و الاقتصادية ، نشب الخلاف بين قادة الدولتين و انعكس على شعبيهما.
و عوض الاستفادة من الإمكانيات الطبيعية الهائلة للبلدين ( الفوسفاط ، البترول ، الغاز ، الفلاحة، الصيد البحري ، معادن مختلفة …الخ ) ، و كذا من القوة الهادرة لشبابها، تطور الأمر بشكل سلبي جدا ، حيث قام العداء بينهما ، مرة بسبب رسم الحدود ، و أخرى من أجل ما يسمى بتقرير مصير الشعب الصحراوي و أخيرا و بطريقة غير مباشرة من أجل الثروات المعدنية التي تحبل بها أرضهما المعطاء .
و مرت علاقات البلدين باحلك الظروف أثناء الحرب الباردة بفعل الاصطفاف الايديولوجي و الخيار السياسي لكل بلد .
وخَلُصَت هذه التجاذبات بغلق الحدود بين البلدين و بإعلان الجزائر قطعها العلاقات الدبلوماسية مع المغرب و منع الطائرات المغربية التحليق أو النزول فوق أرضها.
بل و بدأت بعض الأصوات في الجزائر تهدد بنشوب الحرب بين البلدين ، و نسي هؤلاء أن الحرب هي دمار للمنطقة على كل المستويات .
إن المثال الحي لمثل هذه المغامرات الغير المحسوبة هي الحرب العراقية / الإيرانية التي استمرت 8 سنوات و قتل فيها ملايين من البشر من البلدين و عطل اقتصادهما بشكل كلي ، و استثمرت أموال البترول و الغاز في شراء الأسلحة الفتاكة من القوى العظمى ، و دمر العمران بشكل تام ، و أعادت الحرب البلدين عقودا إلى الوراء .
و تبين فيما بعد إنها كانت مؤامرة محاكة من طرف الأنظمة الغربية بهدف تحقيق مصالحها في المنطقة .
إن نشوب الحرب بين الطرفين ( لا قدر الله ) سيجعل المنطقة في فوهة بركان ، و ستحل بها قوى خارجة عنها من أجل اقتسام الغنيمة ضدا على مصلحة الشعبين الشقيقين ، و من تلك القوى : أمريكا، فرنسا ، إسرائيل، تركيا ، الإمارات ، روسيا …الخ ، و ما يقع في ” ليبيا ” خير دليل على ذلك .
و إذن الطرفان بصدد تفويت فرص النماء و التقدم على شعبيهما ، و لقد أُنْفِقَت في هذا الإطار أموال طائلة بهدف التسلح تحسبا لنشوب الحرب بينهما ، كما يتم إرشاء بعض الدول ( الجزائر ) من أجل شراء أصواتها و مواقفها .
البلدان يعيشان حاليا أزمات اقتصادية ، بطالة كبيرة للشباب ، غياب للديمقراطية الحقة، التضييق على الحريات العامة …الخ.
كل هذه التمظهرات تنم عن تخلف كبير و انتهاكا للحقوق و هدرا للمال العام .
و مما يؤسف له أن التوتر بلغ أشده، بحيث تم تسميم فئات عريضة من الشعبين تحت تأثير الذباب الإلكتروني و مواقع التواصل الإجتماعي و التي تمول بالمال العام للشعبين و التي تنحصر مهمتها في صب الزيت على النار و تعميق الأزمة و إشعال نار الفتنة ، كل ذلك بمباركة وتشجيع القوى الغربية و بالخصوص ” ماما فرنسا ” ، بغية وضع اليد على ثروة البلدين .
أيها السادة .
لعل مضمون هذه التدوينة لن يروق البعض و قد يختلف معها ، لكن هذا جزء من الحقيقة ، إن لم تكن كلها .
إن الحرب الحقيقية للبلدين يجب أن تكون ضد التخلف ، الجهل ، الأمراض، الأمية، البطالة ، الاستبداد ، انتهاك حقوق الإنسان ، الفساد و الريع بكل اشكالهما …الخ.
و هدف البلدين يجب أن يكون و ينصب على : حصول الناشئة على تعليم جيد مواكب للعصر و للتطور المذهل الذي يشهده ، ديمقراطية مائزة ، توزيع للثروات بين أبناء الشعب بشكل عادل ، محاربة الفساد ، المساءلة و تكريس مبدأ عدم الإفلات من العقاب …الخ.
و يقينا أن الفرص لازالت متاحة من أجل تحقيق الأهداف أعلاه.
و عندئذ ، سيصْدُقُ الشعار الذي ترفعه الجماهير الرياضية :
” خاوة ، خاوة … و بلا عداوة …” .

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading