على هامش انعقاد المؤتمر12 لحزب الاتحاد: النهاية الاشتراكي للقوات الشعبية.

22 أكتوبر 2025
Oplus_131072

– ذ . ادريس حيدر

و أنا أتابع فعاليات المؤتمر 12 ، لحزب ” الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” ، الذي انعقد أيام :17، 18و 19 أكتوبر 2025 في مركب بوزنيقة الدولي .
و توهمت و كأن مناديا ينادي :
” أيها الناس :
صلاة الجنازة ، جنازة حزب ”
أجل كان المؤتمر و كأن 1700 من الأشخاص الذين حضروه شيعوا حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى مثواه الأخير ، و ذلك بدفنه بعد موته .

حزب الاتحاد الاشتراكي :

الاتحاد الاشتراكي ، حزب وُلِدَ من رحم الحركة الوطنية و جيش التحرير و نقابيو الاتحاد المغربي للشغل باعتبارها كانت النقابة الوحيدة في المغرب و الطلبة والعمال.
و إذن كان تجمعا للقوى الحية في البلاد
و كان قد حدد هويته الاشتراكية كما اختار النضال الديمقراطي ، و كان ذلك بمناسبة انعقاد مؤتمره الاستثنائي في : 1975.
هذا الحزب كان قد اجتاح الإطارات السياسية ، النقابية ، الاجتماعية و الثقافية من خلال أطره : فلاسفة ، أساتذة جامعيون ، محامون ، مهندسون ، أطباء و مستخدمون و طلبة و فلاحون .
كان الحزب حاملا لحلم الفقراء و المستضعفين والطبقة العاملة ، من أجل مجتمع حر و ديمقراطي ، و لقد أدى مناضلوه ضرائب رهيبة و قاسية ، حيث استشهد عدد غير يسير منهم و على رأسهم الشهيد : ” المهدي بنبركة ” و شهداء من المغرب العميق في الجبال و الأوهاد ، و قد أكدت جلسات الاستماع ذلك من خلال هيئة الإنصاف و المصالحة .
كما أن قياداته و أطره قدموا تنظيرات فكرية و مفاهمية جد مهمة ، أثرت الحقل الفكري في المغرب و العالم العربي : ” محمد عابد الجابري ، محمد جسوس و آخرون .
و نظرا لأهمية حزب الاتحاد الاشتراكي باعتباره حاملا لآمال و مطامح الشعب المغربي. كانت مواقفه السياسية و مؤتمراته تحظى بمتابعة صحافية كبيرة في المغرب و العالم .
بل كانت عقارب الزمن السياسي المغربي متجهة دائما نحو الحزب و لقد حاولت المخابرات المغربية اختراقه و خلق فتنة و انقسام بداخله ، غير أنه و بالرغم من ذلك ظل بوصلة الزمن المغربي و الحياة السياسية في البلاد ، لذلك ووجه بعنف و استبداد شديدين .
و قد كانت للحزب الجرأة السياسية في رفع شعار الملكية البرلمانية في وقت مبكر .
كما أن المحاكمات السياسية الكبرى ،في هذه البلاد كان المتابعون فيها و المدانون هم مناضليها
و كان كلما انعقد أحد مؤتمراته تقوم الدنيا و لا تقعد .فضلا عن ذلك و بموازاة مع الإعداد لها ، كانت الساحة السياسية الاتحادية و المغربية. تشهد نقاشات قوية و مفيدة ، كما كان التدافع و الاختلاف كان قويا حول مفاهيم نظرية و سياسية .
بل لا زلتُ أتذكر أننا كمؤتمرين لم نكن ننام ، لكي لا تمرر مفاهيم و توصيات في اللجان للمصادقة عليها في غيبتنا أو سهونا …الخ . .

حكومة التناوب

اختير حزب ” الاتحاد الاشتراكي ” من أجل قيادة الحكومة ، و سميت بحكومة التناوب التوافقي ذلك أن الحزب رفع شعار : إنقاذ الوطن و لو أدى إلى تراجع الحزب .
و كان تحمله للمسؤولية الحكومية ، وَبَالاً عليه ، حيث تراجعت شعبيته ، و بدأ العد العكسي بالنسبة له.
و قد كانت التجربة فاشلة ، و هذا ما أكده الأستاذ : ” عبد الرحمان اليوسفي”، في محاضرته في برًوكسيل” .
غير أنه يمكن الجزم أن هذا الرجل كان آخر الكبار .

” ذ. إدريس لشكر” كاتبا أول للحزب

في أتًو ن هذه الأحداث التي تسارعت ، تبوء السيد :” إدريس لشكر” منصب الكاتب الأول للحزب ، و كان ذلك إيذانا بنهاية هذه المنظومة السياسية الهائلة ، بل لو رجع الكبار إلى قيد الحياة : المهدي بنبركة أو عبد الرحمان اليوسفي ، محمد عابد الجابري و محمد جسوس …الخ لما صدقوا ما حصل .
و إذن ماذا قدم هذا الأخير لهذه الحركة السياسية الخالدة ؟
إن الرجل محدود معرفيا و سياسيا ، و تربى في حضن الحلقات و المؤامرات التي دمرت الحزب ، بل و أحيانا كان يقوم بدور مؤذي في حق المناضلين ، و عندما كان الحزب يَعُجُ بالأطر و الكفاءات ، لم يكن إلا حارسا بسيطا .
كما أنه أفرغ الحزب من مناضليه المخلصين ، و حاد و انحرف عن تراث الحزب و أرجعه بتكليف من دوائر القرار ، دكانا صغيرا ، يرغب و يطمح إلى أن يشارك في الحكومات المتعاقبة
ثم إنه كًوفئ من طر ف المخزن و ذلك بإهدائه قطع أرضية في مواقع ذات مميزات كثيرة ، فضلا عن ذلك المبالغ المالية التي أخذها و التي كشف عنها المجلس الأعلى للحسابات .
و إضافة إلى ذلك كرس أساليب غير مقبولة و بعيدة عن الديمقراطية و العقلانية داخل الحزب ، و ذلك بتنصيب أبنائه في أعلى سلمه ، أحدهما برلماني و الأخرى مسؤولة في لجنة العلاقات الخارجية للحزب .
و الآن يكرس الأبدية في منصبه ككاتب أول و يتم تمكينه من أن يستمر قائداً للحزب للمرة الرابعة ، و على قول إخواننا الجزائريين ب” العهدة الرابعة”.، و كأن الحزب عميق
إن أسلوب إديس لشكر في إدارته ، هو عرقلة الديمقراطية الداخلية ، و تكريس العلاقة الزبونية و إفراغه من المناضلين الشرفاء و وأد الفكر و المعرفة داخله و معارضته التداول حول القيادة و وقوفه معارضا لكل تقارب مع مكونات اليسار .
و هكذا انزلق و أصبح تابعا لحزب أغلبي ، كان و إلى عهد قريب يُنْعَتُ بالحزب الإداري .
لقد أُصِبْتُ بتقزز كبير و أنا أشاهد :” إدريس الرابع” و هو يرسم بأصبعيه شارة النصر .
النصر على ماذا ، يا ترى ؟ .

المؤتمر :

يعتبر شعار المؤتمر ردة سياسية و فكرية ، فمن : ” الحقيقة أولا !”إلى :” ” مغرب صاعد اقتصاديا…اجتماعياً… مؤسساسيا “.
إنه شعار ركيك ، يفتقد إلى العمق ، و بعيد عن انتظارات الشعب المغربي و طموحات شباب هذا الوطن الذي يشكل في أغلبه جيل “زد”.
و قد ترددت شعارات خالدة للحزب ، و من المعلوم أنها كانت تُرْفَعُ في سياقات الصراع مع السلطة حول خيارات سياسية ، و كذا رفعا لمنسوب الثقة و النضال لدى المناضلين ، غير أن إعادة ترديدها في هذا المؤتمر ، كان خارج السياق، و كأنها ترانيم على حقة هامدة ، و بالتالي بدت بئيسة و مُنَفِّرة ، و محاولة يائسة لبيع ثرات الحزب و إشراقاته في سوق النخاسة .
و من المعلوم أن البيان الذي يصدر في نهاية كل المًؤتمرات ، يكون جردا لمخرجاته ، و يحمل. رسائل سياسية لمن يهمه الأمر .
و كانت فيما مضى تخضع جملة واحدة منه لمناقشات قوية و أحيانا عنيفة ، تحمل تفسيرات و تأويلات لمكونات الحزب الممثلة في المؤمر .
و يعتبر مُعَبرا عن رأي الحزب في القضايا الكبرى و خارطة طريقه .
و قد تأملت البيان العام الصادر عنه ، فتبين لي أنه بيان ضعيف لا يحمل مواقف قوية تهم الوطن و هموم المواطنين .
إن مؤتمر 12 للاتحاد الاشتراكي كان عبارة عن تجمع لبشر ، جاء ليعلن البيعة
ل” إدريس الرابع ” و يشهد على موت و انقراض هذا الحزب العظيم بل و دفنه إلى الأبد .

ملحوظة :
مع تقديري و احترامي لثلة من المناضلين الشرفاء الذين لازالوا يمارسون نشاطهم داخل هذا الحزب / الجثة .

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading