
د. عزيز الهلالي
في منتصف الليل، كنت أتلوّى من الألم، وكان الحزن غيمة تسكب أوجاعي. وبينما أعتصر من شدة الوجع، تسلّل إلى غرفتي ظلي. أخبرني بصوت خافت أن شيئًا ما يتحرك في بطنه.
مددت يدي متلمّسًا بطنه، وإذا بي أسمع مرثيّة الغياب.
تراجعت إلى الوراء مذهولًا، أنظر إليه بعينين جاحظتين. ثم انزلقت صرخة من حبالي الصوتية، صحت في وجهه:
يا ظلي الحبيب، أأنت حامل بالغياب؟
أجهش ببكاءٍ مرير، ثم غرق في صمتٍ رهيب. كفكف دموعه وقال:
– الغياب ألمٌ، لكن بين فجواته يتسلل النور.
وأنا، تحت هول الصدمة، لم أستوعب مقصده. قلت:
– ما رأيتُ غيابًا يمنح نورًا.
نظر إليّ نظرة عميقة، وكأنه يخاطب روحي مباشرة، وقال:
– الغياب ليس فقدًا، بل سفرٌ نحو الحضور. حينما تذوب في الغياب، تجد النور الذي طالما اختبأ خلف الألم.
ثم تلاشى كما يتلاشى السراب عند الفجر، وتركني في عتمة يلفّها سكون غريب.