
ذ . ادريس حيدر
لم يعد يعتني بهندامه و حالته بل و بصحته التي تدهورت كثيرا .
انقطع عن القراءة ، و كفَّ عن متابعة الأحداث ، و المشاركة في المناقشات و المسامرات التي كان يستهويها و التي كانت بالنسبة له ، لحظات ممتعة لتبادل الآراء و الأفكار ، و أصبح و الحالة هذه مسلوب الإرادة .
قرر أفراد عائلته و أصدقاءه ، فتح موضوع صحته المتدهورةً معه ، في محاولة لتدارك الأمر ، و ذلك بنقله لإحدى المراكز الصحية المخصصة لمحاربة الإدمان ، و إخضاعه ايضاً لجلسات علاجية لدى أحد الأطباء النفسيين .
على ضوء لجوئه إلى الجهات المذكورة ، تحسنت صحته و رجع ببطء و تؤدة إلى حياته العادية .
و لوحظ و هو يتردد على بعض اللقاءات و التجمعات السياسية ، و كذا الندوات الفكرية ، إلا أنه كان سرعان ما كان ينسحب منها قبل أن تنتهي .
مما اضطرّ أفراد أسرته إلى اللجوء إلى أطبائه لاطمئنان على وضعه الصحي و ممارساته الغير المفهومة و انزواءه ، فأكدوا لهم ، أن سلوكه عادي في هذه المرحلة من استشفائه ، و أنه سيكرر انسحابه من اللقاءات ذات الطبيعة السياسية أو الفكرية .
استمرّ العاشق على هذا النهج لمدة ليست بالقصيرة ، و أيضا ربط علاقات مع بعض النساء من مشارب و أعمار مختلفة ، إلا أنه سرعان ما كان يُنهيها ، هامسا لأصدقائه ، أنه لم يكن يجد راحته معهن ، بل ينقصهن – حسب تعبيره – ملح خاص يفتقدن له .
تكدر مزاجه ، و توترت أعصابه ، و أصبح شديد النرفزة و الانفعال ، يصعب معها مناقشته أو تبادل الرأي معه .
لم يعد يتردد على طبيبه ، و قرر من تلقاء نفسه أن يتناول بعض المخدرات ، لكي تُهَدِّئ من روعه و تُلطِّفَ من سلوكه . و لا يُعْرَفُ بالضبط من أقنعه بتعاطيه و تناوله لهذا السم الزءام .
و مع مرور الوقت وجد نفسه و قد أصبح مدمنا على استهلاك المخدرات و مما زاد الطين بلة هو أنه رجع لتناوله الخمر سرا و خفية .
تدهورت حالته الصحية من جديد ، بحيث امتقع و جهه و أصبح يميل لاصفرار ، و اهترأت ملابسه و أصبحت رثة ، كما أهمل مظهره .
تاه في الأزقة و الأحياء بدون قصد أو هدف، بل و أصبح يتحاشى لقاء كثيرا من أصدقائه وًرفاقه و معارفه ، لأنه لم يعد يحتمل أحدا
فقد إذن السيطرة على نفسه ، و أمسى يقضي النهار نائما أو تائها ، و الليل مخمورا أو مُخَدَّراً ، فاقدا لعقله .
.
يُتبع …