ذة ربيعة حميحم
ما أبعدك يامراكش الحمراء ، هذا ما سمعناه وهذا ما غنيناه ورقصنا عليه في كل الأعراس والمناسبات ، أغنية ترسخت في الأذهان ، لنؤمن أن الذهاب إلى مراكش يتطلب عناءا وسفرا وزادا …… لكنه الآن قريب جدا ، واقرب من حبل الوريد وفي ظرف ساعات قليلة نبلغ المراد ونلقى الأحباب الأحياء منهم والاموات .
عندما يصبح البعيد قريبا ، والوعر معبدا بالورود بدل الشوك ، فاعلم أنك تلبي نداء وطن عزيز غالي ، فلا يمكن للحم ان ينسلخ عن الجلد …. اندفع المغاربة كالسيل الجارف إلى هناك ، رجال ونساء شباب شابات ، محملين بكل مااستطاعوا إليه سبيلا .
لم يعد مراكش بعيدا كما كنا نسمع دائما ، مسافات تطوى طيا ولا نحس بها ، خلايا نمل دؤوبة نشطة لا تكل ولا تمل ، لم نسمع شكوى ولا أنينا من غلاء أو عناء ، الكل مقبل على الشراء متزاحمون لكننا متراحمون ، يوحدنا الهدف ونزرع الامل … ، ليهب المغرب على قلب رجل واحد ، من فقير ومسكين وغني . حتى الطائر الجريح لم يتخلف عن الكوكبة…..
انطلق المغاربة هرولة ، قبلتهم مراكش ، لكن ليس للاستجمام كالعادة ، ولا لقضاء أيام من العسل في فنادقه البهية والتجوال في جامع الفنا ، لكن هذه المرة تدفق الحجيج إلى قرى وقطع كيلومترات ، وتكبد صعابا جمة لمسح دموع عزيزة ، انسكبت من جفون يائسة …..
حكايات وروايات تروى تقشعر لها الاجسام ، حكايات عن زلزال زلزل المغاربة بأجمعهم ، وأظهر اجمل مافيهم من حب وتآخي وكرم حاتمي ونكران للذات ، أمهات تركن فلذات أكبادهن وذهبن إلى أماكن منكوبة بعزيمة تهد الجبال وتحدي يدرس للأجيال .
زلزال غير المكان ، وغيب اماكنا وفجر وديانا ، وحفر وشما من دم في جبين كل واحد منا !!!!
حكايات لن تنتهي فلكل واحد منهم قصة تبكي الأموات وتصعق الأحياء وتنطق الحجر ، أطفال حيارى ونساء ثكالى ورجال سكارى وماهم بسكارى !!!!! لا حول لهم ولا قوة ، هناك من فقد كل ابناءه ، ومن فقد كل أسرته ورضيع مازال بحبله السري يبحث عن ثدي أمه في الكلأ !!!!!! .. كل في العراء لاسقف ولا مأوى إلا خباءا في الملأ …. تغيرت خارطة كل أسرة ، وتغير تعدادها وتغيرت معالمها وقست ملامحها
خلف كل ركام قصة ، وتحت كل حجر جرح لا زال ينزف وبقوة !!!!!