
د. خالد الصمدي
يبدو أن ورش تعميم تدريس الأمازيغية في المؤسسات التعليمية لغة وثقافة يسير بوتيرة بطيئة لا تحقق الطموح المنشود في تعميمها على المدى المتوسط ،
وسيستمر في تقديري هذا الوضع بعد اعتماد اختيار المادة المستقلة وحرف تيفيناغ في تدريسها بما يتطلبه هذا الخيار من مجهودات مالية وبشرية تعمل الدولة على تعبأتها بشكل دائم وملموس دون أن تتحقق هذه الجهود الهدف المقصود ، وذلك في غياب حلول مبتكرة تعمل على تسريع هذه الوتيرة لتحقيق الأهداف المرجوة خاصة على مستوى توفير الموارد البشرية والاستثمار الامثل للإرث الوطني التاريخي الغني للثقافة الأمازيغية ، وفي هذا السياق نقترح :
1- على مستوى توفير الموارد البشرية نقترح بالإضافة إلى الرفع من وتيرة تكوين أساتذة اللغة الأمازيغية ، اعتماد التكوين المزدوج لبعض أساتذة كل من اللغة العربية واللغة الأمازيغية في اللغتين الوطنيين معا حسب الحاجة الجهوية والمؤهلات التي يتوفر عليها الاستاذ ، مما يمكن من تغطية نفس الاستاذ لحصص المادتين ، وذلك من أجل سد الخصاص من جهة ، وحتى لا يضطر أستاذ اللغة الأمازيغية الى التنقل بين أكثر من مؤسسة تعليمية لتغطية غلافه الزمني المطلوب، أو الاشتغال في مؤسسة واحدة دون استكمال الحصص الدراسية المطلوبة منه خاصة في التعليم الابتدائي بالعالم القروي وهو ما يتسبب في هدر الموارد البشرية ،
وسيمكن هذا الاختيار من توفير المناصب المالية المطلوبة بوتيرة أسرع، كما سيمكن من ربط اللغتين الوطنيين ببعضهما، كما سيغني الرصيد اللغوي لأساتذة المادتين، المستفيدين من هذا التكوين المزدوج،
2- بالإضافة إلى الحرف المستعمل حاليا في تدريس الأمازيغية كلغة مدرسة والذي عرف تطورا ملموسا على مستوى المعيرة وكذا على المستوى البيداغوجي بفعل جهود الخبراء الباحثين في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وشركائه في الجامعات ومراكز البحث العلمي ، ينبغي استثمار اللغة العربية في دراسة الثقافة الأمازيغية بالتعليم الثانوي بسلكيه وكذا في التعليم الجامعي والبحث العلمي خاصة على مستوى الاستثمار الامثل للنصوص التطبيقية ذات الصلة بالثقافة والتراث الأمازيغي المكتوب جله بالحرف العربي، وذلك في مواد التاريخ والفلسفة والعلوم الشرعية وغيرها، ومن شأن هذا الخيار أيضا أن يعزز لحمة الثقافة الوطنية متعددة الروافد بصفة عامة ، ويجذر البعد الوطني للثقافة الأمازيغية الأصيلة على وجه الخصوص والتي اختار روادها وعلماؤها الحرف العربي لتدوين عطائهم العلمي والثقافي والأدبي وخاصة في مجالس العلم في المدارس العتيقة التي أنتجت تراثا علميا غنيا في مختلف العلوم والفنون الدينية واللغوية والاجتماعية ، في القرآن الكريم والتفسير والعقيدة والحديث والفقه والسيرة النبوية والتصوف وقواعد اللغة العربية والتاريخ والشعر والأدب والحكايات الشعبية والتشريعات القانونية والأعراف الموجودة في الالواح ، وغير ذلك ، خاصة إذا ما علمنا بأن الغرض الرئيسي من تدريس أي لغة هو اكتسابها كلغة من جهة من طرف المتعلمين ، ثم ضمان انفتاحهم الثقافي على تراثها الغني الممتد في التاريخ والعمق الحضاري الوطني ، والذي لا ينبغي ان يحرموا منه ويحدثوا قطيعة معه لمجرد أنه مكتوب بغير الحرف المعتمد حديثا في تدريس هذه اللغة بالمدرسة المغربية ،
محمد بن علي الهوزالي (أوْزال).. رائد تآليف العلوم الشرعية بالأمازيغية
هتان قضيتان جوهريتان ينبغي استثمارهما بمنظور بيداغوجي مبتكر، وذلك لتسريع وتيرة إدماج اللغة والثقافة الأمازيغية بشكل متكامل ومندمج مع اللغة والثقافة العربية في المنظومة التربوية المغربية في مختلف مستوياتها، وحتى تتظافر جهود الارتقاء باللغتين الرسميتين الدستوريتين للبلاد لغة وثقافة ، وبما يخدم اللحمة الوطنية ويعزز من قوة ثوابتها ،