ذ. ادريس حيدر :
من جهة أخرى فإن السيد مدير الثانوية التي كنتُ أعمل بها ، كان قد تقاطع معي في إحدى طوابق المؤسسة ، و همس لي بكثير من الحذر ، بضرورة الالتحاق به في مكتبه لأمر يهمني ، شعرت من خلال طلبه أن شيئا غير سار ينتظرني .
و هناك أبلغني بما يقع في غفلة مني و قال :
” إن الجهات الأمنية المختصة بصدد إعدادها لسيناريو ، هدفه إيقافك و اعتقالك ، بدعوى أنك تحرض التلاميذ على اعتناق المذهب الاشتراكي ، كما تدعوهم للإلحاد و التخلي عن الدين الإسلامي ”
و أضاف :
” و لقد طُلِبَ مني أن أُعِدَّ تقريرا بهذا المعنى ، إلا أنني رفضتُ بشكل قطعي و مطلق ، مؤكدا على أنه قدم شهادته و التي مفادها أنك من خيرة أبناء هذا الوطن تضحية و عطاء و إخلاصا له ”
و نبهني قائلا :
” هذه الجهات لن تكل و لن تمل ، و ستلجأ إلى :” جمعية آباء التلاميذ ” قصد استعدائها عليك و إقحامها في هذا المخطط المقيت و البئيس .
و إذن كن حذرا …”
لم يمض على هذا اللقاء إلا يومين ، حتى تم اعتقالي و محاكمتي و إدانتي و طردي من العمل كثلة من رجال التعليم المناضلين ،الوطنيين و المخلصين .
و لن أنسى كيف أنه استقبلني بحفاوة في رحاب المؤسسة التي كان يرأسها و يديرها عندما قضيتُ العقوبة السجنية التي حُكِمتُ بها .
و بنفس الحفاوة و الفرح استقبلني مرة أخرى في نفس المؤسسة بعد قرار الملك بإعادة المطرودين لعملهم ، حيث كان انتصاراً للنضال المشهود الذي خاضته القوى التي تنشد التغيير في هذا الوطن، بتحالف مع القوى الديمقراطية في العالم .
و كان قد رفض تسليمي قرار الطرد من أسلاك الوظيفة العمومية ، بل سلمه لي الناظر العام في غير ذلك اليوم .
يتبع …
- مطلع لإحدى قصائد الشاعر الفلسطيني :
” محمود درويش “.