بقلم : عبد الرؤوف الزكري
من التجارب يتعلم الإنسان، سواء كانت تجربة ناجحة أم فاشلة. ولهذا جرت على اللسان العامي: “رخيصة بتعليمة”. وحتى البيداغوجيا جعلت من الخطأ، وهو ليس سوى فشلا في إصابة الصواب(النجاح)، منطلقا لبناء تعلمات جديدة، أكثر رسوخا ووظيفية. قد يبدو هذا كافيا للاستدلال على تأرجح الرسوب أو الفشل بين منزلتين، ليس بالضرورة إحداهما مر. فكم من طالب سعى نحو الرسوب مع سبق الإصرار، لإدراكه بعدم كفاية مؤهلاته، وإن منحته النجاح في موسم، فإن في طياتها الفشل الذريع في مستقبل المواسم الدراسية. ولعل هذا النوع من النجاح أو الانتقال من مستوى لآخر، هو ما يمثل القاعدة الخلفية للهدر المدرسي، أو شهادة تعليمية بدون أفق مهني. وقد وجدنا آباء في سالف الدهر،يتوسلون المعلمين لترسيب أبنائهم، وخصوصا في العالم القروي، لأن ابنهم لا يتمكن من القراءة والكتابة. وتحفل سير الكثير من العظماء في حقلي الأدب والعلوم بنماذج كان الرسوب الدراسي حافزا ومنصة للانطلاق نحو التميز والنبوغ.
إن مقولة من قبيل:” يوم الامتحان يعز المرء أو يهان “، لا تحتاج إلى كبير عناء للتأكيد على تهافتها، فالرسوب في الكثير من الحالات ليس عقابا أو إذلالا، بقدر ما هو دواء كالكي في خاتمة الوصفة. ولربما نجد شيئا من هذا المعنى في اللجوء إلى التدريس وفق المستوى المناسب، بعد سنوات من مدرسة النجاح التي لم تخرج لنا سوى أشباه أميين، حتى صار هم منظومة بقدها وقديدها، تسعى لترسيخ مبادئ القراءة والكتابة والحساب في زمن الذكاء الصناعي.