بقلم : ذ : غينة بنعياد
ونحن نخلد اليوم العالمي للممرض، و الذي يصادف 12ماي من كل سنة، و باعتباري جزء من الجسد التمريضي لهذا البلد، و كما يقال “فأهل مكة أدرى بشعابها” كان لابد من تسليط الضوء على هذه المهنة التي هي من أنبل و أشرف المهن .
مهنة التمريض عرفت تطورا كبيرا على مدى سنوات ، حتى أصبح خريجوها من المعاهد العليا التابعة للتعليم العالي و بشواهد عليا.
لكن رغم هذا التطور الأكاديمي لازالت مهنة التمريض في المغرب لم تتبوأ المكانة التي تستحقها ،خاصة عندما ينتهي المسار الأكاديمي و يلج الممرضون ميدان العمل ،فنجد للأسف الشديد مادرسناه في المعاهد بعيد كل البعد عن الواقع .
هذا الواقع أقل ما يقال عنه أنه لايوفر ظروف الاشتغال لا ماديا و لا معنويا، و هذا يسوقنا للحديث عن الهجرة التي اختارها الكثير من الممرضين كحل للهروب من ظروف الاشتغال الغير الائقة و التي لاتحافظ على الكرامة.
فقبل التطرق لظاهرة هجرة الأطر التمريضية لابد للإشارة للتضحيات الجسام التي يقدمها العاملين في هذا القطاع وفي كيفية تنزيل وأحرأة البرامج الصحية و محاربة الأوبئة التي عرفتها البلاد لفترات طويلة، و كان آخرها وباء كورونا الذي أودى بحياة العديد من الممرضين و الممرضات، ناهيك عن الأمراض المعدية الفتاكة التي أصابت العديد من العاملين في القطاع.
وفي ظل كل هذه التضحيات تعاني هذة الفئة من مشاكل عديدة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
-أجور زهيدة لا ترقى إلى مستوى ما يقدمه الممرض من تضحيات.
-فئوية في التعويض عن الأخطار المهنية مع أن الخطر واحد.
-جدول ترقيات بطيء لا يتناسب مع ارتفاع مستوى المعيشة المرتفع.
-نقص كبير في المعدات و اللوازم الطبية الضرورية.
-الضغط المستمر على الأطر التمريضية بسبب النقص الحاد في الموارد البشرية مما يؤثر سلبا على الصحة النفسية و الجسدية للأطر التمريضية.
و ماذكرته ليس سوى جزء بسيط مما نعانيه في الواقع.
و هذا يجرنا للحديث عن ظاهرة هجرة الأطر التمريضية لبلدان مختلفة مثل كندا و ألمانيا و فرنسا و غيرها،فهذه البلدان و خاصة بعد جائحة كورونا عرفت قيمة هذه الفئة داخل المنظومة الصحية و ما تقدمه من علاجات مختلفة، فأصبحت تقدم للممرضين عروضا مغرية لاستقطابهم، عروضا أقل ما يمكن أن نقول عنها أنها توفر العيش الكريم و بيئة مناسبة للعمل من الناحية المادية و المعنوية و أيضا تفتح آفاقا كثيرة للتطور العلمي و المهني ،و هذا يجرنا لطرح العديد من الأسئلة:
-كيف للدولة و خاصة المسؤولين عن القطاع أن يقدموا أطرا تم تكوينهم في معاهد عليا للدولة و التكلفة التي خصصت لهم على مدار ثلاث سنوات من التكوين أن تهديهم على طبق من ذهب لدول أخرى للاستفادة منهم؟
-إن ما تخسره الدولة بهجرة هذه الكفاءات ، لم لاتنفقه على تحسين ظروف اشتغالهم و توفير العدالة الأجرية؟
انطلاقا من كل ما سبق قد تكون الهجرة حلا سريعا للذين فقدوا الأمل في التغيير-و لا يسعني الا أن أتمنى لهم التوفيق-و أقول لزملائي ممن اختاروا البقاء في هذا الوطن ، أن النضال هو طريقنا لتحقيق مطالبنا المشروعة ، فكم من المطالب تحققت بالنضال الميداني و هو طريق دربه طويل و يحتاج إلى صبر و تضحيات عبر الأجيال و طول نفس،و أذكر من بين هذه المطالب التي تحققت و نشهد بها لهذا الجيل الطموح تحقيق المعادلة العلمية،في انتظار النضال من أجل إخراج مصنف الكفاءات و الهيئة للوجود و مطالب أخرى ربما ننتزعها بصبرنا و نضالنا المستميت،.
و ختاما أبارك لزملائي عيدنا العالمي كل عام و الممرض(ة)المغربي بخير و عافية.