
إشراقات ثقافية
من تقديم أمينة بنونة
المجتمع القصري في المنتصف الاول للقرن العشرين -احداث وعادات-
للمرحوم محمد بن عبد الرحمان بنخليفة الخليفي
أبو الموارث:
كانت هذه الوظيفة من الوظائف التي عرفها القصر الكبير منذ القديم، وهي وظيفة انشأها المخزن من قديم وتعمل تحت نظر السلطة المحلية وتعود إلى
نظر القاضي وصاحبها له مهمة القيام على من مات بالبلد وعلى ما ترك ولم يعلم له وارث أو أهل، فإليه يرجع حق الدخول إلى بيته دون غيره والاطلاع على
متروكه وجرده وضبطه وصونه وحيازته في انتظار ما قد يظهر من أحد أقربائه، أو مستحق لتريكته وتقديم تقرير بذلك إلى السلطة المسؤولة، وعلى رأسه
القاضي وله القيام بتكفينه ودفنه مع الاحتفاظ بمتروكه إلى حين يظهر وارث يستحق ارثه إذا ما أتى ببينة تثبت ذلك من وثائق أو شهود يعرفون به.
وكانت هذه الوظيفة يتجنبها الكثير من أهل التقوى والورع صونا لذمتهم ولأنها محط التهم، والسليم من عواقبها قليل لما فيها من المظان والمغريات ولا يتقدم إليها إلا ذو غرض وجرأة.
كان أغلبية أولئك الموتى الذين يقوم أبو المواريث بالقيام عليهم من الفقراء المنقطعين أو العجزة الذين يقيمون في الفنادق والخانات في العادة، وبعضهم في محال صغيرة أو مع بعض الجيران، وكان أبو الموارث له الحق في أن يعلم من قبل الآخرين بوفاة المتوفى ولا يسمح لأحد بالدخول إلى بيته، فإذا فعل ذلك أحد وشك فيه أبو المواريث ألزمه بأداء اليمين الشرعي على أنه لم يأخذ من ذلك المتروك شيئا لذلك كان الناس يتحرجون من فعل شيء من ذلك
كان الكثير من الناس يرى أن صاحب هذه الوظيفة يستحوذ على متروك الهالك أو بعضه، ولا يلتزم الصدق فيما يقدمه من تقارير إلا نادرا. (ص 154)