إشراقات ثقافية
من تقديم أمينة بنونة
المجتمع القصري في المنتصف الاول للقرن العشرين -احداث وعادات-
للمرحوم محمد بن عبد الرحمان بنخليفة الخليفي
نظام الحسبة في القصر
وكان نظام الحسبة معروفا في القصر الكبير قبل عهد الحماية بزمان طويل وعندما تولت الإدارة الأسبانية شؤون البلاد أقرت هذا النظام وأبقته وجعلت
هذه المهمة تابعة لحكومة المخزن وأصبح صاحبها يعين بظهير خليفي، ويعمل تحت مراقبة وإمرة الباشا والقاضي وجعل له النظر فيما له ارتباط بالعلاقات
الاقتصادية والاجتماعية للسكان المغاربة، وخاصة فيما بين الجمهور وذوي الحرف والصناعات والتجارة وكل ما يتعلق بقضايا الأسعار والموازن والمكايل ومحاربة الغش في السلع والمكايل، والنظر في المعاملات ذات الطابع التعاقدي بين أصحاب العمل والعمال التقليديين مستعينا بخبرات وآراء أمناء الحرف في فيالبث في القضايا المرفوعة إليه. وكان أهل الحرف والمهن يتزلفون إليه بمختلف الوسائل ويقدرون قدره ويهبون شخصه وسطوته ويلقب لديهم بالفقيه.
كان القصر قد عرف مجموعة من المحتسبين الذين تعاقبوا على هذا
المنصب ومن هؤلاء السيد جعنين في بداية عهد الحماية، والسيد مجاو والسيد
أحمد بن السائح والسيد الأمين بن طاع الله لفترة وجيزة، وكان ابن السائح يمثل
فعلا الرجل المقتدر المتميز بخبراته ودهائه وشخصيته القوية ومظهره الفخم
الأنيق وخيزرانته العاجية. وفي عهده كانت إدارة الحسبة قد انتقلت إلى إحدى
جوانب السوق المركزي، فكان المحتسب بذلك يراقب السوق بصورة مباشرة
ويستعين بعض الكتاب والأعوان. ولم يكن هناك رجل حرفة او مهنة او ذو دكان يذكر لديه إسم المحتسب إلا ارتعدت فرائضه، وكان مروره بالأحياء التجارية والمهني يثير القلق ويخاف الوجل في نفوس أولئك اللذين اعتقدوا على الغش في السلع والتدريس في البضائع والتلاعب بالأسعار، إذكان الفقيه لا يتردد في إنزال العقوبات بمثل هؤلاء كإقفال محلتهم وتغريمهم، فرحك الله ذلك الزمن الذي كان المحتسب وجود اي وجود.
(ص 18/19)