
- بوابة القصر الكبير :
نظمت جمعية الحرف المصقول لفنون القول بالقصر الكبير، بتنسيق مع جمعية النادي المغربي، “اللقاء الزجلي الثالث” .
وأتى هذا اللقاء احتفاء بالذكرى الفضية للمسيرة الخضراء المظفرة وعيد الاستقلال الأغر، وذلك يوم السبت، 22 نونبر 2025، في تمام الساعة الخامسة مساءً، بمقر النادي المغربي بالقصر الكبير
استهل اللقاء بالتبرك بآيات بينات من كتاب الله ، أعقبها النشيد الوطني فكلمة ترحيبية للكاتب العام للجمعية المنظمة ، ومسير اللقاء الأستاذ الأديب الميلودي الوريدي.
وفي كلمة لرئيس جمعية الحرف المصقول لفنون القول استعرض الشاعر محمد علوى في كلمته ، الاهتمام المتزايد بفن الزجل وقضاياه من طرف الجمعية ، مستعيدا لحظة تأسيس الجمعية التي جاءت، بهدف إحياء هذا الفن والارتقاء به باعتباره جزءا أصيلا من الهوية الثقافية المحلية.وأشار إلى العلاقة العميقة بين المدينة والإبداع الزجلي، خاصة لدى الحرفيين والزوايا الصوفية، داعيا الباحثين والدارسين إلى استكشاف هذا الإرث الثري والبحث في جذوره ودلالاته، كما أبرز حرص الجمعية على تثمين فنون القول من خلال تبني الحوار والتفاعل والانفتاح، إلى جانب تنظيم ملتقيات وأنشطة ثقافية رغم الإكراهات، فضلا عن مشاركتها المستمرة في مختلف الفعاليات التي تعنى بإبراز الصوت الزجلي والحفاظ عليه.
– وفي كلمة لعضو الجمعية الإعلامية أمينة بنونة انطلقت من اعتبار الاحتفال بالاعياد الوطنية : الاستقلال ، المسيرة ، الوحدة ، مرتبط بقيم شكلت نسقا مقدسا ناضل من أجله الشعب والملك، مما أدى إلى الوحدة الوطنية والاستقرار تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، الذي يقود البلاد نحو التقدم والازدهار.
وأضافت ان الاحتفال بهذه الأعياد الوطنية هو مناسبة لاستلهام الدروس واستحضار تضحيات الماضي للأجيال، بهدف بناء مستقبل مشرق وقوي.
- وشارك الأستاذ الباحث عبد الحميد الزفري بمداخلة عبر من خلالها عن سعادته للمشاركة في هذا اللقاء ، لينتقد بعد ذلك “الإقصاء” التاريخي الذي طال فن الزجل في العديد من المصادر القديمة، مؤكداً أن الأدب الشعبي، وعلى رأسه الزجل، يمثل جزءا أساسيا وراسخا من التراث الثقافي الذي اعتز به الزجالون المغاربة عبر الأجيال.
ولم يستسغ ذ . الزفري “تحجير” فن الزجل وحصره في مناسبات محدودة خاصة.، وأكد أن الزجال هو مبدع يسعى، شأنه شأن أي فنان، إلى تنوير المجتمع والتعبير عن واقعه المعاش، وذلك عبر “معمار فني متين” تتبناه القصيدة الزجلية ، مشيرا إلى أن النظرة القاصرة لابد أن تتغير، خاصة وأن جمهور الزجل يعد أوسع نطاقا من جمهور الشاعر الفصيح.
وتساءل عن مدى قدرة المتلقي- عبر الزمن – على حفظ هذا الموروث الزجلي والوفاء له.
وشدد الباحث على أن الزجل قد وصل اليوم إلى مرحلة أصبح فيها “ذا كيان مستقل يتجاوز حدود المناسبات”، داعيا إلى التعامل معه بجدية أكبر.
وفي سياق آخر، قدم الزفري مجموعة من التوصيات للزجالين والمبدعين، مؤكداً أن “رفعة قيمة الإنسان وما يكتبه مرهونة بقدرة الحديث عن آرائه”. ودعا الزجال إلى الانفتاح على النقد من أجل الإرشاد والتطوير، مشددا على ضرورة أن يكون الزجال مرهف السمع وواعيا بما يدور حوله ، فاتحا عينيه بوعي للحصول على معرفة جمالية وفكرية عميقة،منفتحا على التجارب القديمة والمعاصرة في هذا الفن، حريصا على السماع من أفواه المبدعين أنفسهم.
واختتم الباحث مداخلته بالإشارة إلى أهمية دراسة تسميات الزجل المختلفة التي تعكس طموحات أصحاب هذا الفن، مقدما شكره للجهة المنظمة على حرصها المستمر في الحفاظ على الصوت الزجلي المحلي وصونه.
ـ وأبرز رئيس جمعية الحرف المصقول الأستاذ ، الميلودي الوريدي، عمق الارتباط القائم بين الشعر الفصيح والزجل العامي، مؤكدا أن الزجل ليس سوى كلام موزون ومقفى يحمل الخصائص الفنية نفسها التي يقوم عليها الشعر الفصيح.
ولتوضيح ذلك، قدّم نماذج من إبداع كبار الزجالين المغاربة مثل الجيلالي متيرد، والتهامي المدغري، ومولاي حفيظ العلوي، باعتبارهم روادا رسخوا لهذا الفن وأغنوا موروثه.
وسلط الوريدي الضوء على الاهتمام الملكي الذي يوليه جلالة الملك محمد السادس لفن الزجل، مستشهدا في ذلك برسالته الموجهة إلى أمين سر أكاديمية المملكة عبد اللطيف بربيش، وهي رسالة تعبر عن تقدير المؤسسة الملكية لهذا التراث ودوره في صون الهوية الثقافية المغربية، كما أشار إلى أن الملحون ولغته الشعبية يحظيان بالاهتمام ذاته، لما يمثلانه من ذاكرة شعرية أصيلة ومتجذرة.
وخلال مداخلته، قدم الوريدي قراءات من أعمال شعراء الملحون، مبرزا حضور الذاتية في نصوصهم وانفتاحهم على الحداثة، كما توقف عند أوزان شعر الزجل وتنوعها، موضحا كيف شكلت هذه الأوزان إطارا فنيا حافظ على جمالية القصيدة الزجلية وخصوصيتها عبر الزمن.
و قدمت الفنانة الحروفية التشكيلية رجاء بن مصباح رؤية فنية وروحية حول فن الزجل، مستهلة حديثها بتعريف هذا الفن الشعبي العريق وخصوصيته في المغرب. وأشارت إلى أن الزجل، الذي عرف انتشارا واسعا في التاريخ المغربي، يرتبط أيضا بتجربة الأندلسيين حيث ازدهر كفن تعبيري راقٍ يلامس وجدان الإنسان.
وأكدت بن مصباح أن قصائد الزجل، رغم انتمائها للهجة الدارجة، تقترب في قيمتها الفنية من الشعر الفصيح، سواء على مستوى البناء أو الصورة الشعرية أو الطاقة الإيقاعية. وأضافت أن الزجل كان على امتداد تاريخه مرتبطا بالتصوف، حيث وجد فيه المتصوفة وسيلة للتعبير عن التجربة الروحية وعمقها الإنساني.
وسلطت المتدخلة الضوء على قدرة الزجل على التعبير عن قضايا عديدة، من بينها المقاومة والتحولات الاجتماعية، مما جعله مرآة لنبض الناس وهمومهم. وختمت مداخلتها بالتأكيد على أن سبب مشاركتها كفنانة ، يعود إلى تلك العلاقة العميقة بين كل ما هو أصيل، معتبرة أن الزجل واحد من أبرز هذه الفنون التي تحمل بعدا روحيا وجماليا متجذرا في الوجدان المغربي.
والتقى جمهور الكلمة الرصينة والحرف المصقول مع قراءات شعرية زجلية شارك فيها كل من المبدعين والمبدعات : منى بنحدو ، إدريس المريني ، محمد علوى ، عبد الحميد مومن ، أحمد بوعسرية ، نجاة الحبوسي ، بوغالب العسري ، سعيد استيتو.
تخللت الأمسية وصلات فنية موسيقية لفرقة الملحون برفقة الفنانة المتألقة “ضحى”، واختتمت بتوزيع شواهد المشاركة والتقدير ./.