ذ ادريس حيدر
قال ذات يوم ، ملك فرنسا :” لويس الرابع عشر :
” لو لم أكن ملكا لفرنسا ، لوددتُ أن أكون محاميا “.
ـ ادريس حيدر
المحاكمات السياسية :
كنتُ و أنا بعد صغير ، أتابع بشكل متقطع من أبي رحمه الله و من كبار الحي ، وبعدها من طرف المناضلين الذين كانوا يكبرونني سنا ، أخبار و روايات عن المحاكمات السياسية التي كان يشهدها المغرب في سنوات القمع و الاستبداد ، و التي اصطلح عليها ب” سنوات الجمر و الرصاص “.
و في حقبة السبعينات و الثمانينات ، كانت الوسيلة الوحيدة لمتابعة مجريات تلك المحاكمات ، هي جريدة ” العلم” لسان حال حزب الاستقلال ، لأن جرائد اليسار كانت ممنوعة و محظورة و موقوفة و ممنوعة بقرارات إدارية جائرة و مخالفة للقانون .
و من بين أهم تلك المحاكمات أخص بالذكر :
– محاكمة مراكش الكبرى .
– المحاكمات العسكرية بالقنيطرة سنة 1973، قضية :” عمر دهكون “.
– محاكمة مناضلي منظمة :” إلى الأمام ” و التي عرفت بالسرفاتي و من معه .
– محاكمات بسبب أحداث اجتماعية لسنوات : 1981، 1984، 1990.
هذه الأخيرة التي دعت لها كل من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل :C.D.T.و
U.G.T-“.
– محاكمة الزعيم النقابي ؛” محمد نوبير الأموي”.
و كان المحامي حاضرا في كل هذه المحاكمات ، حيث كان يوقع بدمه و دمعه و عرقه ملاحم دفاعية ، كانت تُعري التجاوزات التي يرتكبها الحاكمون بخصوص حقوق الإنسان .
و ربما تعتبر محاكمة الزعيم النقابي: ” محمد نوبير الأموي ” من أهم تلك المحاكمات .
و تعتبر تلك المحاكمة – و التي شاركتُ فيها كمحامي طيلة الفترة التي استغرقتها – من أشهر المحاكمات السياسية في تاريخ المغرب المستقل ، و كان قد تتبعها الرأي العام المغربي و الدولي بالنظر لأهمية المُحاكمً و لموضوع المحاكمة و للتهم المنسوبة للمشتكى به
و كان قد بلغ عدد المحامين الذين انتصبوا و تطوعوا للدفاع عنه 1300محامي.
كانت تلك المحاكمة على خلفية ، استجواب أجرته معه صحيفة ” إلباييس” الإسبانية و التي نعت فيها الوزراء المغاربة باللصوص « Mangantes ».
و انتهت تلك المحاكمة السياسية الكبرى بإدانة الزعيم النقابي : ” محمد نوبير الأموي ” بسنتين حبسا نافذا .
و كانت المعارضة اليسارية قد اعتبرت أن المحاكمة تدخل في إطار الصراع السياسي للمعارضة ضد نظام الحكم بالمغرب ، خاصة و أن المحاكمة جاءت مباشرة بعد حوار أجراه ” الأموي” مع جريدة ” حرية المواطن” ، دعا فيه إلى ضرورة إقامة نظام حكم عبارة عن : ” ملكية برلمانية “، يسود فيها الملك و لا يحكم .
و قد شابت هذه المحاكمة عيوبا شكلية و قانونية كبيرة، فالدولة تابعت :” الأموي” و لم تتابع مدير نشر جريدة ” إلباييس” ، و كذا الصحفي الذي أجراه ، ثم إن الحكومة اختارت إقامة المحاكمة بالمحكمة الابتدائية بالرباط ، بالرغم من أنها غير مختصة للبث في تلك القضية ، فضلا عن ذلك فإن الجريدة صدرت في إسبانيا و مكان إقامة :” الأموي ” بالدار البيضاء .
و قد شهدت تلك المحاكمة قمعا رهيبا ، حيث حوصرت المحكمة من طرف قوات الأمن ، و تلى ذلك قمع شرس في حق المناضلين و الصحفيين ، كما قامت الدولة بترحيل 6 محامين جزائريين حضروا خصيصا لتتبع المحاكمة .
و كان :” الأموي ” ، قد التمس من المحكمة استدعاء الوزراء للمواجهة و كشف و تعرية الجرائم المرتكبة من طرفهم في حق الشعب المغربي .
و لم تجد الحكومة محام قادر على الدفاع عنها سوى النقيب الأستاذ :” زيان”.
و لا زلتُ أتذكر أن المحامين أرجعوا المحاكمة إلى مساءلة سياسة الحكومة اللاشعبية ، و كانت فعلا بمثابة ملتمس إسقاط الحكومة، حيث كان الشعب المغربي يتتبعها بكثير من التعاطف مع الزعيم النقابي و بغير قليل من الاستهجان و الإدانة للجهة التي خططت لها و أخرجتها .
و لا أنسىً كذلك بعض الفرسان الأشاوس لتلك الملحمة القانونية و السياسية الخالدة و قدرتهم الهائلة على إدارتها ، و منهم :
– ذ. النقيب : عبد الرحمان بنعمر .
– ذ. النقيب : عبد الرحيم الجامعي .
– ذ. الحاتمي .
-ذ. خالد السفياني
– ذ. محمد الصبري
و آخرون .
و تتبعها بعض الزعماء السياسيون أذكر منهم :
– ذ . عبد الرحمان اليوسفي ، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ..
– ذ. امحمد بوستة : الأمين العام لحزب الاستقلال
– عبد الرزاق أفيلال :،الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين .
حمهم الله جميعا .
يتبع …