يوميات محام (10)

15 نوفمبر 2025

ذ ادريس حيدر 

قال ذات يوم ، ملك فرنسا :” لويس الرابع عشر :
” لو لم أكن ملكا لفرنسا ، لوددتُ أن أكون محاميا “.
ـ ادريس حيدر

المحاكمات السياسية :

كنتُ و أنا بعد صغير ، أتابع بشكل متقطع من أبي رحمه الله و من كبار الحي ، وبعدها من طرف المناضلين الذين كانوا يكبرونني سنا ، أخبار و روايات عن المحاكمات السياسية التي كان يشهدها المغرب في سنوات القمع و الاستبداد ، و التي اصطلح عليها ب” سنوات الجمر و الرصاص “.
و في حقبة السبعينات و الثمانينات ، كانت الوسيلة الوحيدة لمتابعة مجريات تلك المحاكمات ، هي جريدة ” العلم” لسان حال حزب الاستقلال ، لأن جرائد اليسار كانت ممنوعة و محظورة و موقوفة و ممنوعة بقرارات إدارية جائرة و مخالفة للقانون .
و من بين أهم تلك المحاكمات أخص بالذكر :
– محاكمة مراكش الكبرى .
– المحاكمات العسكرية بالقنيطرة سنة 1973، قضية :” عمر دهكون “.
– محاكمة مناضلي منظمة :” إلى الأمام ” و التي عرفت بالسرفاتي و من معه .
– محاكمات بسبب أحداث اجتماعية لسنوات : 1981، 1984، 1990.
هذه الأخيرة التي دعت لها كل من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل :C.D.T.و
U.G.T-“.
– محاكمة الزعيم النقابي ؛” محمد نوبير الأموي”.
و كان المحامي حاضرا في كل هذه المحاكمات ، حيث كان يوقع بدمه و دمعه و عرقه ملاحم دفاعية ، كانت تُعري التجاوزات التي يرتكبها الحاكمون بخصوص حقوق الإنسان .
و ربما تعتبر محاكمة الزعيم النقابي: ” محمد نوبير الأموي ” من أهم تلك المحاكمات .
و تعتبر تلك المحاكمة – و التي شاركتُ فيها كمحامي طيلة الفترة التي استغرقتها – من أشهر المحاكمات السياسية في تاريخ المغرب المستقل ، و كان قد تتبعها الرأي العام المغربي و الدولي بالنظر لأهمية المُحاكمً و لموضوع المحاكمة و للتهم المنسوبة للمشتكى به
و كان قد بلغ عدد المحامين الذين انتصبوا و تطوعوا للدفاع عنه 1300محامي.
كانت تلك المحاكمة على خلفية ، استجواب أجرته معه صحيفة ” إلباييس” الإسبانية و التي نعت فيها الوزراء المغاربة باللصوص « Mangantes ».
و انتهت تلك المحاكمة السياسية الكبرى بإدانة الزعيم النقابي : ” محمد نوبير الأموي ” بسنتين حبسا نافذا .
و كانت المعارضة اليسارية قد اعتبرت أن المحاكمة تدخل في إطار الصراع السياسي للمعارضة ضد نظام الحكم بالمغرب ، خاصة و أن المحاكمة جاءت مباشرة بعد حوار أجراه ” الأموي” مع جريدة ” حرية المواطن” ، دعا فيه إلى ضرورة إقامة نظام حكم عبارة عن : ” ملكية برلمانية “، يسود فيها الملك و لا يحكم .
و قد شابت هذه المحاكمة عيوبا شكلية و قانونية كبيرة، فالدولة تابعت :” الأموي” و لم تتابع مدير نشر جريدة ” إلباييس” ، و كذا الصحفي الذي أجراه ، ثم إن الحكومة اختارت إقامة المحاكمة بالمحكمة الابتدائية بالرباط ، بالرغم من أنها غير مختصة للبث في تلك القضية ، فضلا عن ذلك فإن الجريدة صدرت في إسبانيا و مكان إقامة :” الأموي ” بالدار البيضاء .
و قد شهدت تلك المحاكمة قمعا رهيبا ، حيث حوصرت المحكمة من طرف قوات الأمن ، و تلى ذلك قمع شرس في حق المناضلين و الصحفيين ، كما قامت الدولة بترحيل 6 محامين جزائريين حضروا خصيصا لتتبع المحاكمة .
و كان :” الأموي ” ، قد التمس من المحكمة استدعاء الوزراء للمواجهة و كشف و تعرية الجرائم المرتكبة من طرفهم في حق الشعب المغربي .
و لم تجد الحكومة محام قادر على الدفاع عنها سوى النقيب الأستاذ :” زيان”.
و لا زلتُ أتذكر أن المحامين أرجعوا المحاكمة إلى مساءلة سياسة الحكومة اللاشعبية ، و كانت فعلا بمثابة ملتمس إسقاط الحكومة، حيث كان الشعب المغربي يتتبعها بكثير من التعاطف مع الزعيم النقابي و بغير قليل من الاستهجان و الإدانة للجهة التي خططت لها و أخرجتها .
و لا أنسىً كذلك بعض الفرسان الأشاوس لتلك الملحمة القانونية و السياسية الخالدة و قدرتهم الهائلة على إدارتها ، و منهم :
– ذ. النقيب : عبد الرحمان بنعمر .
– ذ. النقيب : عبد الرحيم الجامعي .
– ذ. الحاتمي .
-ذ. خالد السفياني
– ذ. محمد الصبري
و آخرون .
و تتبعها بعض الزعماء السياسيون أذكر منهم :
– ذ . عبد الرحمان اليوسفي ، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ..
– ذ. امحمد بوستة : الأمين العام لحزب الاستقلال
– عبد الرزاق أفيلال :،الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين .
حمهم الله جميعا .

يتبع …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading