
ذ – عبد المالك العسري :
يعد المغرب من الدول التي تواجه تهديدات إرها.بية متزايدة في السنوات الأخيرة، في ظل تصاعد الأزمات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء وانتشار الجماعات الإرها.بية العابرة للحدود. هذه التهديدات تشكل خطرًا بالغًا على استقرار البلاد وأمنها الداخلي، حيث تمثل خطرًا ليس فقط على الأمن العام، ولكن أيضًا على الاقتصاد الوطني والسلم الاجتماعي. وقد جاءت هذه التهديدات في وقت حساس، حيث يسعى المغرب إلى الحفاظ على استقراره السياسي والاجتماعي في ظل تحديات متعددة، منها التوترات الإقليمية والأزمات العالمية.
منابع التهديدات الإرها.بية تستند إلى عدة مصادر، أبرزها التنظيمات المسلحة التي تنشط في دول مجاورة (البوليزاريو) ومالي مثلا ، حيث تعمل هذه الجماعات على استغلال الفراغ الأمني في هذه المناطق لتمويل نفسها من خلال تهريب الأسل.حة والمخد.رات، وتجنيد الشباب المغرر بهم للانضمام إلى صفوفها. كما أن الهياكل الإرها.بية العالمية مثل “القا.عدة” و”دا.عش” لا تزال تشكل تهديدًا مستمرًا عبر شبكات الإنترنت والدعاية المغلوطة التي تستهدف الشباب في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك المغرب. علاوة على ذلك، يمكن العثور على خلايا نائمة داخل المدن المغربية نفسها، تستفيد من الاضطرابات الاجتماعية أو الاقتصادية لتحفيز الفكر المتطرف والتحريض على العنف.
في مواجهة هذه التهديدات، أظهرت الأجهزة الأمنية المغربية حزمًا كبيرًا في التصدي لتلك المخاطر، حيث قامت بتطوير استراتيجيات فعالة لمكافحة الإرها.ب، معتمدة على استخبارات دقيقة، وتعاون دولي مع شركاء إقليميين ودوليين. تمكنت الأجهزة الأمنية المغربية من إحباط العديد من العمليات الإرها.بية قبل أن تنفذ، من خلال تفكيك خلايا إرها.بية وتفجير شبكات تمويل وتجنيد الجها.ديين. كما أن هناك تعاونًا وثيقًا مع الدول الغربية في مجال تبادل المعلومات الاستخباراتية، مما ساعد على تعزيز القدرة الأمنية في التصدي لهذه التهديدات.
ومع ذلك، فإن الحملات الإعلامية التي تشكك في حجم التهديدات الإرهابية والمبالغة في تصويرها قد تؤثر سلبًا على ثقة المواطنين في جهود الدولة. بعض الأطراف تعمل على نشر رسائل مشككة في وجود هذه التهديدات، أو في قدرة الأجهزة الأمنية على التعامل معها، مما قد يخلق حالة من الارتباك في المجتمع ويؤدي إلى تراجع في دعم الاستراتيجيات الأمنية. هذه الحملات ليست فقط مضللة، بل قد تسهم في نشر الارتباك والشكوك التي قد تصب في مصلحة الجماعات الإرهابية التي تسعى إلى تقويض استقرار البلاد. من الضروري أن يكون هناك وعي جماعي بمخاطر هذه الحملات والتأكيد على ضرورة الوحدة الوطنية في مواجهة الإرهاب.
إلى جانب الجهود الأمنية، هناك حاجة ملحة لتعزيز الجبهة الداخلية عبر تبني سياسات اجتماعية واقتصادية تسهم في معالجة جذور الإرها.ب. إن تعزيز العدالة الاجتماعية وتوفير فرص العمل للشباب، خاصة في المناطق التي تعاني من الفقر والتهميش، يُعد أحد السبل الفعالة لمكافحة التطرف. كما أن تعزيز الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان في إطار دولة القانون يساعد على توفير بيئة مستدامة ومواتية للنمو والتطور، مما يساهم في تحقيق الأمن الروحي والاقتصادي للمغاربة. فالاستقرار لا يتحقق فقط بالقوة العسكرية، بل أيضًا من خلال توفير ظروف حياة كريمة وحريات أساسية للمواطنين.
المغرب اليوم بحاجة إلى مواصلة تعزيز استراتيجياته الأمنية والاجتماعية في آن واحد، والعمل على تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية ليتمكن من مواجهة التحديات الإرهابية بشكل شامل. وهذا يتطلب تضافر جهود جميع الفاعلين، سواء كانوا في القطاع الحكومي أو المدني، لضمان بقاء البلاد في أمان وحفاظًا على استقرارها الاقتصادي والاجتماعي.