
حوار خاص:
هل السجن مؤسسة محتقرة من الجميع ؟؟
أجرى الحوار : محمد كماشين
- على هامش ما حدث بلجنة العدل والتشريع بالبرلمان المغربي حيث خاطب السيد محمد صالح التامك المدير العام لمندوبية إدارة السجون وإعادة الادماج النواب المجتمعين بلجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان بالبرلمان المغربي
- ” السجن : “المؤسسة المحتقرة من المجتمع ومن الدولة المغربية” بسبب غياب مخاطب حكومي من اجل مناقشة الميزانية الفرعية لمندوبية إدارة السجون وإعادة الادماج من أجل تفاعل النواب أعضاء اللجنة.
- ارتباطا بذلك أجرينا الحوار التالي مع الأستاذ عبد المالك العسري
- والاستاذ عبد المالك العسري ،باحث في التراث اللامادي والثقافة الشعبية لمنطقة الشمال ،فاعل حقوقي وعضو اللجنة الجهوية لحقوق الانسان بطنجة تطوان الحسمة وعضو فريق الحماية بها ، مما خول له الاشتغال على ملفات : الإعاقة والطفولة والعنف ضد النساء الى جانب السجن والسجناء ،له كتابات حول الوصم الاجتماعي للسجينات والسجناء بعد قضاء العقوبة السجنية والوصم الاجتماعي للاشخاص في وضعية إعاقة من خلال الامثال الشعبية المغربية ، اشتغل على ملفات الادماج الاجتماعي لسجناء سابقين مع جمعية مدينتي بالقصر الكبير
- 1 _ كمتتبع ومهتم بقضايا حقوق الإنسان في بلادنا، كيف ينظر المجتمع للمؤسسة السجنية ؟
- ينظرالمجتمع لمؤسسة السجن بتفاوت بناءً على العوامل الثقافية، والتجربة الشخصية، والسياق القانوني والاجتماعي. بوجه عام، تتراوح هذه النظرة بين عدة تصورات، منها:
- قليل من يرى أن السجن مؤسسة تهدف إلى إصلاح السجناء وإعادة تأهيلهم ليصبحوا أعضاءً منتجين في المجتمع. ، وأن يعتبر السجن فرصة لإعادة التفكير في السلوكيات وتصحيحها من خلال برامج تعليمية، وتدريب مهني،.ودعم نفسي واداة لتطبيق العدالة وتحقيقها للحفاظ على النظام العام وحماية الافراد والممتلكات بل ينظر إلى السجن كمكان لعقاب الأفراد المخالفين، وردعهم عن تكرار الجرائم. تعكس هذه النظرة الاعتقاد بأن السجن وسيلة لمنع الجرائم عن طريق تخويف الآخرين من العقاب.
- السجن يحمل وصمة اجتماعية قوية في بعض مجتمعنا، إذ ينظر إلى المسجونين بعد إطلاق سراحهم كـ”مذنبين” حتى بعد قضاء العقوبة، مما يؤدي أحياناً إلى صعوبات في العودة إلى الحياة الطبيعية، والحصول على فرص عمل، أو استعادة الثقة المجتمعية.
- البعض يرى السجن مكاناً تنتهك فيه حقوق الإنسان، ويواجهون انتقادات لتجاوزاتهم في معاملة السجناء. لذا، تتزايد الأصوات المنادية بتحسين ظروف السجون وتطبيق قوانين أكثر عدالة وإنسانية.
يُنظر إلى السجون على أنها أماكن غامضة أو منقطعة عن الحياة الاجتماعية، ويعتقد البعض أن ما يجري بداخلها غير معلوم، مما يعزز من مشاعر الخوف والتشكيك حيالها.
كل هذه النظرات تختلف حسب مدى ثقة الناس في النظام القضائي، ومدى وعي المجتمع بتحديات السجون، والمعلومات المتاحة حولها، ومدى نجاح أو فشل المؤسسة السجنية في تحقيق أهدافها سواء العقابية أو الإصلاحية واحتقار المؤسسة .
قد ينشأ من عدة عوامل وتصورات اجتماعية سلبية حول السجون ككل. يعتبر السجن مكانًا لارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان ضد السجناء، مثل سوء المعاملة، والتعذيب، وغياب الرعاية الصحية، وظروف العيش غير الإنسانية. هذا يؤدي إلى ازدراء المؤسسة.خصوصا والذاكرة تعود للزمن الرصاصي حيث الاعتقال السياسي والمعتقلات السرية وما نشر حولها من فظاعات .
2 _ وهل فشلت السجون في تحقيق الإصلاح؟
يشير البعض إلى فشل السجون في تحقيق هدف الإصلاح وإعادة التأهيل، حيث يخرج العديد من السجناء وهم معرضون للعودة إلى الجريمة. هذه الدائرة من الدخول المتكرر للسجن تعزز من فكرة عدم كفاءة هذه المؤسسة، وتجعلها تبدو كحل مؤقت وغير فعّال لمشكلة الجريمة.
المجتمع ينظر إلى السجن كمصدر للعار، حيث يواجه المسجونون السابقون وصمة اجتماعية تُعيق عودتهم إلى الحياة الطبيعية، وتجعل من الصعب عليهم التكيف، ما يُعزز من النظرة السلبية للسجن باعتباره مؤسسة تزيد من عزلة الأفراد بدلاً من دعمهم كما له تاثير على الاسرة والمجتمع خصوصا اذا كان السجين المعيل الرئيسي للاسرة وقد تتفكك اسر وتدمر في بعض الحالات.
ويرى آخرون أن هناك تمييزًا في النظام القضائي يؤدي إلى سجن بعض الأفراد ظلماً أو أن يكون السجن وسيلة لمعاقبة الفئات الضعيفة والمهمشة اجتماعيًا. هذا التصور يؤدي إلى الاحتقار، حيث يتم التعامل مع السجن على أنه أداة لفرض السلطة بدلاً من تحقيق العدالة.
3_ وماذا عن تدبير السجون وبعض الجوانب التي تثير الانتقاد ؟
إن السجون تشكل عبئاً مالياً على ميزانيات الدولة، ويعتبر البعض أن هذه الأموال يمكن استثمارها في التعليم أو الصحة أو برامج اجتماعية وقائية، بدلاً من تمويل مؤسسة يتناقص تأثيرها الإيجابي
إهمال قطاع السجون من طرف الدولة موضوع يثير القلق ، حيث يشمل مجموعة من القضايا المتعلقة بشروط اعتقال السجناء ، والموارد المتاحة لإعادة تأهيلهم. في كثير من الحالات، يؤدي الإهمال إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية والنفسية للسجناء ويزيد من احتمالات عودتهم للجريمة بعد الإفراج عنهم. من أهم أوجه الإهمال التي يمكن أن يعاني منها قطاع السجون ،الاكتظاظ وعدم كفاية المساحات المعيشية النقص في الرعاية الصحية وقلة الأطر الأمر الذي بات يلح على الزيادة في الميزانيات المرصودة لقطاع السجون واي نقص لميزانية السجون يمكن أن يؤدي إلى تدهور الظروف داخل السجون ويؤثر بشكل كبير على حياة السجناء وقدرتهم على التأهيل والاندماج في المجتمع بعد الإفراج. عند نقص التمويل، قد تعاني السجون من إهمال في صيانة المباني والتجهيزات الأساسية. هذا يؤدي إلى ظروف غير صحية مثل سوء التهوية، والرطوبة، ونقص المرافق الصحية. بالإضافة إلى ذلك، يساهم نقص البنية التحتية في زيادة الاكتظاظ كما ان لسجناء يحتاجون إلى رعاية طبية مستمرة لمعالجة الأمراض المزمنة والحالات النفسية. ونقص الميزانية يؤدي إلى تراجع في مستوى الرعاية الصحية،و بدون ميزانية كافية، تتضاءل البرامج التي تهدف إلى تأهيل السجناء مثل التعليم والتدريب المهني والعلاج النفسي. هذه البرامج حيوية لتمكين السجناء من الحصول على فرص عمل بعد الإفراج وتقليل احتمالية عودتهم إلى الجريمة ،وقد يؤدي نقص الميزانية في كثير من الأحيان إلى ظروف غير إنسانية في السجون قد تصل إلى حد انتهاك حقوق الإنسان وقد تتعرض الدولة التي تواجه هذه المشكلات لانتقادات دولية، مما يمكن أن يؤثر على سمعتها ويعرقل علاقاتها الدولية
فالاستثمار في تحسين ميزانية السجون ليس ترفا أو مجرد نفقات إضافية، بل هو استثمار في تقليل الجريمة في المستقبل وتعزيز العدالة الاجتماعية.
هذه التصورات تساهم في النظرة السلبية لمؤسسة السجون، حيث تصبح رمزاً للظلم واللاعدالة والفشل في تقديم حلول حقيقية لمشاكل المجتمع.
4_ هل من حديث عن وضعية موظفي السجون ؟؟
وضعية موظفي السجون في المغرب تتسم بالتحديات والصعوبات المتعددة، والتي تنعكس على ظروفهم المهنية والنفسية. رغم أهمية دورهم في الإشراف على السجناء وضمان الأمن والنظام داخل المؤسسات السجنية، إلا أنهم يواجهون عدداً من المشكلات المتكررة، منها:
يعاني موظفو السجون في المغرب من ضغط عمل كبير بسبب نقص الكادر الوظيفي. غالباً ما يكون عدد الموظفين غير كافٍ لتلبية احتياجات إدارة السجناء وضمان الأمن، مما يزيد من الأعباء الوظيفية على الموظفين المتواجدين.
يتعرض موظفو السجون لمخاطر أمنية كبيرة نظراً لطبيعة العمل، حيث يتعاملون بشكل يومي مع سجناء قد يكونوا عنيفين أو يعانون من اضطرابات نفسية. كما يواجهون أحياناً تهديدات أو اعتداءات من السجناء، ما يخلق بيئة عمل عالية التوتر.
الرواتب والتعويضات المالية لموظفي السجون في المغرب منخفضة مقارنة بالجهود والمخاطر التي يواجهونها. .
يتعرض موظفو السجون لضغط نفسي كبير نتيجة التعامل اليومي مع بيئة السجن والسجناء. وقد يعانون من نقص في الدعم النفسي والتأهيل لمواجهة التحديات النفسية المرتبطة بالعمل في هذه المؤسسة.
هناك مطالب متزايدة بتوفير فرص تعزيز القدرات لموظفي السجون، وكذلك تحسين نظام الترقية. - لا يحصل موظفو السجون على تقدير كافٍ من المجتمع، حيث يتم التركيز غالباً على الجوانب السلبية لمؤسسة السجون بدلاً من تسليط الضوء على دورهم المهم في تحقيق الأمن والإصلاح.