د . عبد السلام دخان :
تقتضي اخلاقيات التواصل التحلي بالأمانة والشفافية، وتجنب التضليل واحترام حيوات
الأفراد وحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتجنب الممارسات التمييزية، وربما تساهم اخلاقيات التواصل بين الأفراد والجماعات و المجتمعات والثقافات في خلق تأثير إيجابي بين هذه المكونات.بيد ان الرؤية التي اقترحها ترتبط بالتفكير في اخلاقيات التواصل باستثمار مكتسبات التحليل النفسي( منجز جاك لاكان Jacques Lacan على سبيل المثال)، وعلم النفس الاجتماعي، والأنثروبولوجيا، مع مراعاة أبعاد العلاقات الشخصية، والعلاقات الاجتماعية وتعالقاتها المختلفة. ماذا يعني التواصل بشكل جيد؟ هل يتساوق هذا السؤال مع المطلب الأخلاقي؟ ربما يتطلب هذا النسق البحث في جذمور المفهوم، وهي مهمة فيمينولوجية لها انساقها المخصوصة، بيد ان هذا الاحتمال لا يمنع من القول بضرورة تكامل البعد الأخلاقي وأشكال التواصل، لأن الأمر لم يعد يرتبط بمحاولة فهم الإنسان لقوى الطبيعة، بل بمحاولة تجنب الآثار السلبية لسوء فهم المشترك الانساني، والعماء الذي يمارسه سوء الفهم وماينتج عنه من عواقب وخيمة على العيش المشترك. و لا يأخذ هذا السؤال هيئة أخلاقية فحسب، لأن الأمر يرتبط بالسيمولاكر المختلف والملتبس، وربما يساهم هذا السؤال في مقترحات وتأويلات لإبدالات قد تبدو حاسمة في التوجه نحو المستقبل. ذلك ان التحولات التكنولوجية الدقيقة تجعل اشكال التواصل الأداتي أكثر إقناعًا وقوة. وربما تكون الابتكارات الرقمية المبهرة – اليوم- ومنها سطوة مصفوفات الذكاء الاصطناعي مقدمة لما سيجلبه هذا القرن من تحولات في فن العيش، واشكال التواصل.
إن نطاق تنوع هذا التحول -المتاح للجميع- أمر مثير للدهشة بالفعل، من محاكاة الواقع، إلى محاكاة المتخيل الرقمي، ومن عزلة الكائن بالمفهوم الأنطلوجي إلى صناعة التعاطف مع قضايا وحالات نفسية زائفة، ومن العيش بكرامة، إلى ” حياة الماعز goatlife ” (بوصفها إستعارة بصرية لأوضاع مختلة حملت توقيع المخرج الهندي Blessy)، و من تمجيد التأويلات الدينية إلى نقيضها، ومحاولة خلق تحفيز نرجسي متمركز حول الذات، وجعل الآخرين يتخلون عن حريتهم لصالح مايسميه” إيتيان دي لابويسيه Étienne de La Boétie” بالعبودية الطوعية، والنتيجة الإصابة بالإدمان( التعلق بالمؤثر) الشبيه بالمخدرات القاتلة.
