ذ. الخليل القدميري
ما إن طرحت على نفسي هذا السؤال حتى وجدتني أبحث عن معنى النرجسية، فوجدت أنه لم يبق من أسطورة رواها شاعر روماني عن شاب وسيم يدعى “نرجس”، أفرط في حب ذاته حتى الموت، سوى زهرة صفراء تحمل نفس الإسم. كما أن الحالات القصوى من النرجسية قد أصبحت، من وجهة علم النفس، تعني الأبهة في السلوك أو في التخيل، والحاجة إلى إعجاب الآخرين وضعف الإحساس بالغير.
وتبين لي من خلال ما لاحظته في سلوك صديق نرجسي أن من خاصياته الميل إلى الهيمنة والإفراط في تقدير الذات والحساسية المفرطة إزاء النقد. وغالبا ما تستهويه الكاريزما، ويتميز بالطموح، ويترك لمن يلتقيهم انطباعاً بالجاذبية والأهمية.
وحين طالت مدة تعارفنا ظهرت على صديقي النرجسي، إلى جانب ما سبق، صفات سلبية كالتمركز حول الذات والميل إلى استغلال الآخرين.
وقد لاحظت أنني أنا أيضاً أحمل من بين مميزات شخصيتي جوانب نرجسية بها ملامح كثير من المزايا، مثل الاعتداد بالنفس والتركيز على الذات؛ ما يسمح لي بإدراك آمالي وأهدافي أو القدرة على فرض نفسي والتوق إلى النجاح، ولكنني أتميز عن صديقي النرجسي بخصال أخرى تضفي على شخصيتي نوعاً من التوازن يمكّنني من التوقف عند حدود معينة في علاقتي بالآخرين ومن أن لا أغالي في فرض رأيي أو ممارسة نوع من التسلط لابتزاز الآخرين وإخضاعهم.
وبحكم أن علاقتي بصديقي النرجسي كانت مشوبة بنوع من التوتر وبافتقادها لعنصر الانسجام، فإن صديقي لم يعد قادراً على الاستمرار، مدعياً أنني لا أعامله بالاحترام اللازم الذي يستحقه، فحدثت القطيعة بيننا، وشعرنا معاً على إثرها بالارتياح.
الرباط 23 يوليوز 2033.
